يختتم العالم أوّل سنةٍ في ظل وباء الكورونا، واجهت خلالها النظم الاقتصادية والصحية الأقوى في العالم تحديات كبيرة. بسبب سنوات من الإغلاق والتقييدات الإسرائيليّة المستمرة على حركة البضائع والاشخاص، تواجه غزّة هذا الظرف الوبائيّ في ظل ضعف جهازها الطبيّ وتعثّر اقتصادها.
شدّدت إسرائيل التقييدات التي تفرضها لسنوات على معبر “إيرز” في آذار 2020، المعبر الوحيد لحركة الأشخاص بين غزة وإسرائيل والضفة الغربية، في خطوةٍ برّرتها في إطار مكافحة تفشّي الوباء. هذه التقييدات هي تصعيد خطير للإغلاق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ عام 2007. لا يزال “إغلاق الكورونا” مستمرًا، ولا يسمح بالخروج عبر “إيرز” إلا للمرضى المضطرّين لعلاج طبي ضروري ولحالات استثنائيّة قليلة أخرى. تقلّصت الحركة عبر “إيرز” إلى 6 بالمئة ممّا كانت عليه في بداية عام 2020. حالات الخروج من غزة لهدف العمل أو زيارة أحد الأقارب المرضى – وهي من بين الظروف القليلة التي سمحت فيها إسرائيل لسكان غزة بمغادرة القطاع قبل تفشي وباء كورونا – قد تم حظرها بالكامل لأكثر من عام حتى اللحظة. كما توقفت حركة الأشخاص بين غزة ومصر عبر معبر رفح، الخاضع للسيطرة المصرية، منذ اذار 2020، فلم يسمح بالمرور عبره الا لبضعة أيام طوال العام السابق وحتى لحظة إعادة فتح المعبر خلال شهر شباط من العام الجاري.
خلافًا للإجراءات في معظم دول العالم، وحتّى خلافًا لما يجري في إسرائيل، لم تُقر إسرائيل أي تسهيلات على قراراتها الجارفة بفرض “إغلاق كورونا” على القطاع منذ آذار 2020. ففي إسرائيل، اجتمعت الجهات العليا في الحكومة ووزارة الصحّة لبحث خطوات مكافحة الوباء، إلى جانب النظر في الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي تؤدّي إليها تقييدات الحركة بحق سكّانها. تغلق وتفتح إسرائيل الحواجز بينها وبين الضفة الغربية وفقاً لاحتياجاتها وأهوائها. بالمقابل، وعلى الرغم من سيطرتها الكاملة على الحركة عن طريق معبر “إيرز”، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية لم تقم بأي نقاش حول الحاجة باستمرار “الإغلاق المزدوج” على القطاع. أقفلت إسرائيل باب القطاع، ورمت مفاتيحه في البحر دون أن تنظر خلفها.
مع حالات العدوى الأولى بالكورونا في إسرائيل وفي الأراضي المحتلة، نبّهت مؤسسة “چيشاة-مسلك”، ومعها منظّمات حقوقيّة شريكة في إسرائيل والعالم، إلى مسؤوليّة إسرائيل بتأمين الخدمات الطبيّة والعامّة، وتوفير الأمن الغذائيّ، وتطوير أعلى نشاط اقتصاديّ لسكّان قطاع غزّة. كل هذه المجالات كانت، ولا تزال، آنية وفي غاية الأهميّة من أجل سلامة سكان القطاع واقتصاده، وأيضا للمساهمة في ازدهاره في المستقبل.
منذ اكتشاف أولى حالات الاصابة في غزة، اتخذت الحكومة المحلية سلسلة من التقييدات على القطاعات المحلية المختلفة وعلى حركة الاشخاص داخل غزة من أجل الحد من انتشار الوباء، الامر الذي يتبعه اثمان اقتصادية. حاليًا، هنالك ما يقارب 58 مريضًا في حالة حرجة، من بين ما يقارب الـ 2,500 حالة نشطة في قطاع غزة؛ مع هذا فإن معدل الوفيات المسجلة في غزة أعلى من المعدل المسجل في إسرائيل، ولا يزال الطريق للخروج من الأزمة الصحية طويلًا. في حين تم تطعيم ما يقارب الـ 50 في المئة من مواطنيها، تواصل إسرائيل التجاهل والتهرب من واجبها القانوني بضمان توفير التطعيمات للفلسطينيين الذين يعيشون تحت سيطرتها في الضفة الغربية وغزة. حتى الآن، لم يدخل إلى غزة أكثر من 62,000 لقاح.
يفرض القانون الدوليّ والقوانين الإسرائيليّة على إسرائيل واجبات اتجاه ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت سيطرتها. وحده إنهاء الاحتلال يضمن حماية كاملة لحقوق الإنسان، إلى ذلك الحين، ومن أجل منع المزيد من الضرر لسكان قطاع غزة، يجب على إسرائيل أن تتخذ الخطوات الآتية:
1. رفع التقييدات الشاملة على حركة الاشخاص ووضع سياسة عادلة توازن بين الاعتبارات الصحية والاحتياجات الاقتصادية وحماية حقوق الإنسان – بما في ذلك الحق في الرعاية الطبية والتعليم ولقمة العيش. يجب السماح للتجار والعمال بالتنقل، ويجب توسيع حركة المرور لأغراض العمل، بما يخضع لتقييدات موضوعية للحفاظ على الصحة العامة.
2. ضمان اتاحة كاملة للوصول الى المعدات الطبية، معدّات الوقاية والخدمة الطبيّة اللائقة، بما يشمل إتاحة وصول تطعيمات الكورونا.
3. الامتناع عن العقوبات الجماعيّة، العنف والتقييدات المفروضة على معبر كرم أبو سالم، والمناطق الزراعيّة المحاذية للسياج، وكذلك مناطق الصيد.
4. رفع التقييدات المفروضة على المنتجات المصنوعة في غزّة، والمسموح تسويقها في الضفّة الغربيّة، إسرائيل، وتصديرها إلى خارج البلاد، بما في ذلك المنتجات الزراعيّة، الأغذية المصنعة ومنتجات المصالح الصغيرة.
5. تمكين دخول الحواسيب ومعدّات الاتصال التي تعرّفها إسرائيل على أنها “ثنائيّة الاستخدام”. من ضمنها ما هو حيويّ لجهاز الصحّة والتعليم وسير الاقتصاد.
6. الامتناع عن اشتراط وصول المعدّات الطبيّة والأدوية والتطعيمات بإرجاع المحتجزين والمفقودين الإسرائيليين.