خضار من غزة، اصدار منتوجات من غزة

في حزيران 2007، بعد وصول حماس الى السلطة في القطاع، فرضت إسرائيل حظرًا مطلقا على خروج البضائع من القطاع[1] وفي أيلول من العام نفسه، أعلنت إسرائيل أن قطاع غزة ”منطقة معادية“ (بالانچليزية). شكّل الحظر على خروج البضائع من القطاع جزءًا من استراتيجية ”الحرب الاقتصادية“(بالانچليزية) التي تبنّتها إسرائيل. بين ليلة وضحاها فقد تجار غزة إمكانية الوصول إلى الأسواق خارج القطاع، بما في ذلك الأسواق المهمة والطبيعية بالنسبة لهم في إسرائيل والضفة الغربية، والتي سوّقوا إليها 85% من البضائع التي خرجت من القطاع حتى حزيران 2007. الحظر على التسويق ادى الى انخفاض كمية الإنتاج الزراعي المسوّقة خارج القطاع: من نحو 3,544 طنًا في الشهر[2]حتى النصف الاول من شهر حزيران (انظروا الرسم رقم 1) إلى نحو صفر في الفترة اللاحقة فور ذلك الإعلان، وهو انخفاض ساهم في الانهيار الاقتصادي في القطاع.

على الرغم من أن إسرائيل سمحت في نهاية المطاف بتصدير بضائع معينة إلى خارج البلاد، لكن حظر تسويق الإنتاج الزراعي للضفة الغربية بقي على حاله لمدة 7 سنوات حتى 2014. فقط بعد العدوان المدمر الذي شنته إسرائيل على القطاع في نفس السنة، وفي إطار مفاوضات وقف إطلاق النار، سُمح بتسويق محدود للإنتاج الزراعي في الضفة. السنة التالية، عام 2015، كانت سنة تبوير؛ ولأول مرة منذ 2007، سمحت إسرائيل بتسويق البندورة والباذنجان من انتاج غزة إلى نطاقها. في البداية، اعتمدت إسرائيل نظام الحصص المؤلفة من 250 و50 طنًا في الشهر بالتناسب، ولاحقًا وسعت الحصة تدريجيًا حتى400 و50 طنا بالتناسب (بالعبرية)(تجدر الإشارة إلى أنه أحيانا يتجاوز التسويق الشهري الحصة المقررة التي فرضتها اسرائيل).

خلال سنة 2022، وهي أيضًا سنة تبوير، سمحت إسرائيل بتسويق بضائع إضافية في نطاقها وكانت المنتجات الزراعية التي تم تسويقها خارج القطاع، لجميع الوجهات، الأعلى منذ عام 2000: بالمعدل5,377 طنًا في الشهر بين كانون الثاني وآب 2022. هذا ارتفاع بنسبة 67% مقابل المعدل الشهري لنفس الفترة خلال عام 2021.

تنويع أصناف المنتجات الزراعية المسموح تسويقها في إسرائيل خلال هذا العام، بالإضافة إلى المنتجات المسموح تسويقها في الضفة الغربية، أدى إلى ارتفاع في الكميات المسوّقة خارج القطاع وكذلك في ارتفاع في ارباح المزارعين الفلسطينيين في غزة؛[3] ولكن القطاع الزراعي ما زال بعيدًا عن استنفاد القوة الكامنة فيه. مع تقليص التبادل التجاري الزراعي، تقلص أيضًا عدد العاملين في هذا القطاع. في العام 2020 عمل 12,882 عاملا فقط في الزراعة، وهو انخفاض بنسبة 39% من 21,060 عاملا خلال عام 2005. في النصف الاول من 2022 خلال سنة التبوير، عمل نحو 18,860 عاملا في القطاع الزراعي، أي أقل بعشرة بالمئة من العام 2005.

ما زالت إسرائيل تفرض قيودًا إضافية وتقوم بممارسات تضر بالقطاع الزراعي في غزة (كما سنفصّل لاحقًا)، ولكن لم يفت الاوان بعد لإحياءه. بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، فإن قرار الاستمرار في السماح بتسويق المنتجات الزراعية من غزة في إسرائيل التي أضيفت خلال عام التبوير هو قرار سياسي بسيط. فيما يتجاوز ذلك، فإن إسرائيل ملزمة قانونيًا بالسماح بالنشاط الاقتصادي والتنمية في القطاع نتيجة لسيطرتها المتواصلة على المنطقة. كما هو مفصل في هذا المستند، هناك خطوات إضافية يمكن اتخاذها لإزالة التقييدات التي تستمر في إلحاق الضرر بالقطاع الزراعي.

تصدير خضار من غزة، سيطرة اسرائيل على اقتصاد غزة
رسم رقم 1: منعت إسرائيل تسويق الإنتاج الزراعي خارج القطاع في العام 2007. في النصف الأول من عام 2007، تم تسويق نحو 3,544 طنا (بالمعدل الشهري) من الإنتاج الزراعي إلى خارج القطاع لجميع الوجهات.

 

ثمرة ناضجة

وفقا للشرائع اليهودية، يجب التوقف عن العمل في الارض مرة كل سبع سنوات، اي في كل سنة سابعة. المزارعون الإسرائيليون الذين يطبقون فرائض التبوير لا يزرعون ولا يحصدون في هذا العام؛ وبدلا من ذلك يشترون الإنتاج الزراعي من مزارعين غير يهود ويبيعونه إلى الباعة بالمفرق من أجل الحفاظ على مصدر رزق لهم. المزارعون الذين يلتزمون بهذا التقليد مطالبون بالتسجّل في وزارة الزراعة كمن يقومون بهذه الفريضة ويتلقون تصريحًا (بالعبرية) خاصا يمكّنهم من شراء منتجات من مصادر أجنبية خلال هذا العام، في إطار حصص مقررة سلفًا. خلال عام التبوير، لا يشتري الزبائن الذين يقيمون الفرائض إنتاجات زراعية زرعها وحصدها يهود. لهذا السبب، مرة في السبع سنوات، حين يزداد الطلب على الإنتاج الزراعي من غير اليهود، يتم فتح شباك فرص للتجارة الزراعية الفلسطينية أو الأجنبية.

في سنة التبوير المنتهية في هذه الايام (2021-2022) وفي السنة التي سبقتها (2014-2015)، وسّعت وزارة الزراعة الإسرائيلية قائمة المنتجات التي يمكن تسويقها من غزة إلى إسرائيل من أجل تلبية الطلب في الأسواق الإسرائيلية. في العام 2015 سمح بتسويق الباذنجان والبندورة في خطوة تحوّلت إلى إجراء ثابت. في سنة التبوير الحالية، سمح بتسويق ستة أنواع إضافية من الخضار – خيار، فلفل حار، فلفل حلو، بطاطا حلوة، كوسا وبندورة شيري. يتبيّن من محادثات أجرتها جمعية ”چيشاه-مسلك“ مع وزارة الزراعة الاسرائيلية أنه ليس هناك نية لمواصلة توسيع التسويق خارج سنة التبوير، بل العودة إلى تقييد التسويق واقتصاره على البندورة والباذنجان فقط. بكلمات أخرى، شباك الفرص لتسويق ست منتجات إضافية سيغلق في نهاية العام الراهن 2022 (تسمح وزارة الزراعة بفترة من التأقلم لعدة اشهر بعد انتهاء السنة العبرية حتى يتمكن المزارعون الإسرائيليون من الزراعة وجني محصول ثانية).

تدل المقابلات التي أجرتها جمعية ”چيشاه-مسلك“ مع مزارعين وتجار في القطاع على أن توسيع التبادل التجاري في سنة التبوير قوبل بالترحاب في قطاع غزة. قال لنا أحد التجار: ”كان هناك تأثير جدي نتيجة توسيع التسويق. أرباحنا زادت وشعرنا بالفرق- ليس التجار فقط، بل المزارعون في القطاع تأثروا إيجابيا بهذا. مثلًا هناك انتاج كميات كبيرة من الخيار في قطاع غزة وتسويقها في إسرائيل يحمل نتائج اقتصادية إيجابية للطرفين“. تاجر آخر قال لـ”چيشاه-مسلك“ بأن التوسيع مكّن من إقامة علاقات تجارية جديدة مع مزارعين إسرائيليين. وفقا لمنظمة الغذاء والزراعة العالمية، فمن كانون الثاني وحتى مطلع آب 2022، ارتفعت قيمة البضائع الزراعية المسوقة في إسرائيل من غزة بما يزيد عن 1,300 بالمئة وادخلت إلى القطاع نحو 6.3 مليون دولار امريكي، مقارنة بما يقارب 434 ألف دولار امريكي في نفس الفترة من العام 2021، قبل سنة التبوير.

تدّعي إسرائيل أنه لا يمكن السماح بالتسويق الحر لمنتجات زراعية من القطاع في إسرائيل ولا حتى في الضفة الغربية بسبب اعتبارات الصحة النباتية (بالانچليزية). ولكن يتضح أن هناك اعتبارات اخرى تلعب دورا هنا، بما في ذلك نهج ”الخاوة“، رغبة بممارسة ضغط على سلطات حماس في القطاع وعدم وجود رغبة سياسية في محاولة العثور على حلول للتحديات الصحية النباتية. أبدت إسرائيل استعدادها لتوسيع حجم المنتجات التي تسوق خارج القطاع، ولكن فقط حين يخدم الأمر مصالحها. سنة التبوير هي مثال ساطع على ذلك، فحين يزداد الطلب في إسرائيل بسبب قيود دينية على إنتاج زراعي، جميع المخاوف الصحية تفقد أهميتها. علاوة على ذلك، فإن تلك المخاوف لا تقتصر على الإنتاج الزراعي من القطاع، وحين تتوفر الإرادة السياسية يمكن التغلب عليها بواسطة فحوصات ملائمة، رقابة أو أساليب معالجة أخرى. تثبت التصاريح المعطاة خلال سنة التبوير أن إسرائيل يمكن أن تسمح بأكثر مما هو مسموح به اليوم. التوسيع الثابت للتسويق الزراعي هو طريقة سهلة، ولا خلاف سياسي عليها تقريبا، لتعزيز الاقتصاد الفلسطيني. علاوة على ذلك، هذا إجراء طبيعي ومطلوب بحكم واجبات إسرائيل بتوفير حياة اعتيادية ومنالية لكسب الرزق في القطاع.

حتى في إطار ترتيبات سنة التبوير، هناك تقييدات تثقل على المزارعين وتمس بالقوة الكامنة لديهم. هذه التقييدات تتطلب إعادة نظر من جهة حكومة إسرائيل في ضوء واجباتها القانونية. إذ تشكل التقييدات المفروضة على دخول المواد التي تعرفها إسرائيل بأنها ”مزدوجة الاستخدام“ إلى القطاع، بما في ذلك الأسمدة والمعدات الإضافية اللازمة للزراعة، تحديات كبيرة للمزارعين في غزة الذين يضطرون إلى استثمار الموارد في إيجاد حلول بديلة للمعدات غير المتوفرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الغموض المستمر المحيط بسياسة إسرائيل، عدم نشر الترتيبات الخاصة بسنة التبوير أو إتاحة المعلومات حول أنواع المنتجات التي يمكن تسويقها من غزة خلال هذا العام وبشأن مدة قرار توسيع التسويق، يفاقم عدم اليقين الاقتصادي للمزارعين في القطاع. لم يقتصر الأمر على أن إسرائيل لم تنشر سياستها في بداية عام التبوير، ولكن حتى الآن، لم يُنشر أي قرار رسمي بشأن ما إذا كان التسويق الموسّع الذي أصبح ممكنًا في العام الماضي سيستمر أو يتوقف. نتيجة لذلك، يفتقر المزارعون في غزة إلى المعلومات الأساسية اللازمة للتخطيط للمحاصيل المستقبلية، كما تتأثر قدرتهم على توقع الطلبات لأنواع المنتجات والكميات المطلوبة كما كان من الممكن أن يفعلوا في سوق تنافسية. بالإضافة إلى ذلك، القيود الإسرائيلية التي تسمح فقط لحاملي رخصة التبوير بالشراء من قطاع غزة، تمنع التجار في القطاع من تطوير علاقات تجارية مع التجار الذين لا يحملون هذه الرخصة، وتضر بقدرتهم على المساومة امام أصحاب الرخص.

ثمرة ناضجة

(*تم السماح بتسويق المنتجات التي تم وضع علامة النجمة عليها في إسرائيل كجزء من عام التبوير 2022)

المادة يسمح بتسويقها في الضفة الغربية يسمح بتسويقها في إسرائيل
توت نعم لا
فلفل حلو نعم نعم*
بندورة كرزية نعم نعم*
بندورة نعم نعم
بطاطا حلوة نعم نعم*
فلفل حار نعم نعم*
بلح نعم لا
خيار نعم نعم*
زهرة نعم لا
كوسا نعم نعم*
قرع نعم لا
ملفوف نعم لا
باذنجان نعم نعم
جزر أحمر نعم لا
ثمرة ناضجة

كل المنتجات الزراعية تخرج من القطاع عن طريق معبر كرم أبو سالم بين غزة وإسرائيل. هذا هو معبر البضائع الوحيد الذي يمكن من خلاله نقل البضائع من غزة إلى إسرائيل والضفة الغربية وخارج البلاد.[4] غالبًا ما تستغل إسرائيل سيطرتها على المعبر وتغلقه كخطوة عقابية لغرض ممارسة ضغط على سكان القطاع، مثلما فعلت مؤخرا في آب 2022؛ والمعبر مغلق أيضًا بشكل دائم في أعياد إسرائيل. الإغلاق الفجائي أو الإغلاق بدوافع عقابية يسبب خسائر اقتصادية فادحة لسكان القطاع. في كثير من الحالات، بينما تكون البضائع قد وصلت الى المعبر بالفعل، هناك تأخير في عملية الإفراج عن البضائع، مما يضر بجودة البضائع ويقلل من سعرها في السوق الإسرائيلي وبالتالي يضر بدخل المزارعين في غزة.

موقع المعبر، في النقطة الجنوبية القصوى من قطاع غزة، ليس استراتيجيا. البضائع التي تصل إليه من إسرائيل تُنقل جنوبًا وبعد ذلك مباشرة شمالًا على الجانب الآخر من المعبر، ويتم نقل البضائع التي تخرج من غزة إلى أقصى نقطة في الجنوب ثم يتم نقلها شمالًا مرة أخرى داخل نطاق إسرائيل (انظر الخريطة أدناه). هذه العملية تطيل وقت النقل وتزيد من تكلفته بشكل كبير. طريق 232، الذي يؤدي إلى المعبر على الجانب الإسرائيلي، طويل وضيق ومتعرج، وفي غالبه يوجد مسار واحد فقط في كل اتجاه. هناك أجزاء من هذا الشارع تآكلت تحت ضغط مئات الشاحنات التي تسافر عليه يوميا، وهو اليوم في وضع متردٍّ. بالمقابل، نقل البضائع من معبر في شمال قطاع غزة، لو تسمح إسرائيل بذلك، سيقلل من تكاليف النقل على جانبي المعبر ويخفف الازدحام المروري على شارع 232.

الطريق من غزة للضفة الغربية، سيطرة اسرائيل على اقتصاد غزة
مسار الشاحنات التي تنقل البضائع بين غزة وإسرائيل عبر معبر كرم أبو سالم. المصدر: كرم ابو سالم، “ﭽيشاه-مسلك” 2020.

هناك عوامل أخرى تصعب تسويق المنتجات الزراعية من القطاع وهي أوقات الانتظار الطويلة في معبر كرم أبو سالم، ضرائب عالية ورسوم عبور باهظة وكذلك التقييدات الإسرائيلية في المعبر على ارتفاع البضائع المكدسة فوق بعضها حتى 1.6 مترا فقط (المعيار الدولي هو 1.9 مترا). يقلص تقييد الارتفاع حجم المنتوجات التي يمكن تكديسها في الشاحنة ولذلك تزداد تكلفة سعر النقل بالنسبة للتجار. يوجد في المعبر جهازان للمسح الالكتروني (بالانچليزية) تبرعت بهما حكومة هولندا وهما مخصصان لإجراء مسح للبضائع حين تكون على ظهر الشاحنات و/أو في داخل حاويات من دون حاجة إلى تنزيل البضاعة. ولكن عمليًا، على الرغم من استخدام هذين الجهازين لإجراء مسح الكتروني للبضائع التي تخرج من القطاع، لا تزال البضائع تخضع لفحص إضافي لا حاجة له ويستدعي تنزيلها واطالة مدة بقائها في المعبر.

بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد في المعبر ما يكفي من مناطق مظللة ولا توجد امكانية لتخزين البضاعة (بما يشمل التبريد)، وهو ما قد يؤدي إلى الإضرار بجودة البضائع. لجنة التنسيق الخاصة لدخول البضائع إلى القطاع التابعة للسلطة الفلسطينية طوّرت برنامجا لتحسين الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم، بما في ذلك إضافة عرائش للظل. العمل على هذه الخطة بدأ في العام 2022، ومن المنتظر ان ينتهي حتى نهاية العام الجاري على الرغم من أن بعض المصادر قالت لـ ”چيشاه-مسلك“ إن ارتفاع اسعار المواد الخام خلق فجوة في ميزانية الخطة.

ثمرة ناضجة

تفرض إسرائيل منطقة عازلة على طول الجدار الفاصل داخل أراضي القطاع التي تتضمن قسم جدي من الأراضي الزراعية لقطاع غزة. لا يسمح للفلسطينيين بالاقتراب إلى مسافة تزيد عن 300 متر من الجدار. إسرائيل تسمح للمزارعين (بالعبرية) بالاقتراب فقط حتى خط المئة متر. المنطقة ما بين الجدار وخط المئة متر يعتبر منطقة محظورة ويطبق الجيش الإسرائيلي عليها حظر الوصول بواسطة إطلاق الرصاص الحي. لا يسمح للمزارعين الفلسطينيون بزراعة أي شيء في هذه المنطقة، على الرغم من أن الأراضي هي بملكية خاصة للسكان، يقتحم الجيش الإسرائيلي هذه المنطقة على نحو دائم لغرض إزالة النباتات فيها وهدم مبان وتجريد الأرض مما عليها. إسرائيل تقوم أيضًا برش مستمر للمبيدات الكيماوية (بالانچليزية) للأعشاب، وهو ما يمس بالمحصول خارج هذه المنطقة المحظورة نفسها.

في العام 2017، بدأت السلطات في غزة أيضًا بفرض تقييدات معينة في المنطقة العازلة: لا يسمح للمزارعين بالدخول إلى منطقة 300 متر من الجدار (حتى شارع جكر) بعد الساعة 19:00، ومن هم غير مزارعين يطالبون بالحصول على تصريح خاص للوصول للمنطقة خلال ساعات اليوم. تجري مؤخرا مناقشات بين المزارعين والسلطات في القطاع بشأن نوع المحاصيل التي يمكن زراعتها في المنطقة ما بين 100 حتى 300 متر من الجدار. وفقًا لمصادر في القطاع، تفرض السلطات منذ آب 2022 أنظمة جديدة للتعرف على هويات الداخلين إلى المنطقة وتطالب المزارعين والرعاة بحمل بطاقات تعريف خاصة وارتداء سترات.

سواء فرضتها إسرائيل أو السلطات المحلية في غزة، فإن القيود المفروضة على الوصول إلى الاراضي، على أنواع النباتات أو على المباني التي يمكن اقامتها على هذه الاراضي الزراعية، تمس كلها بالإنتاج الزراعي في القطاع وباعتياش السكان الهش أصلا.

خريطة لحدود غزة - المنطقة العازلة
شارع جكر في القطاع والمنطقة العازلة. المصدر: أين الحد،”چيشاه–مسلك” 2018.

 

ثمرة ناضجة

منذ ما يزيد عن 15 سنة، تمس إسرائيل على نحو مقصود بالاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة بواسطة تقييد حركة البضائع والاشخاص وانتهاج سياسة مدمرة تحد من القطاع الانتاجي وتضر بدخله وبالتالي بالظروف المعيشية في غزة. هذه الخطوات تمس القطاع الزراعي أيضًا، الذي يدعم إنتاج الغذاء المحلي ويوفر عملا لآلاف الأشخاص. إسرائيل ملزمة وفقًا للقانون الدولي بالسماح للفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال بممارسة حياة اعتيادية وحماية صحتهم، رفاهية حياتهم وإمكانية وصولهم إلى مصادر الرزق. لذلك، فإن إسرائيل ملزمة بتمكين انتقال حر للبضائع إلى القطاع ومنه، بما يخضع للفحوصات الأمنية العينيّة والنسبية فقط، هي ملزمة أيضًا بحماية القطاع الزراعي وإزالة العقبات التي تمس بعمله كونه مصدرًا مركزيا لكسب الرزق وتوفير الغذاء. لقد أعلنت حكومات إسرائيل المتعاقبة أنها معنية بتمكين التطور الاقتصادي (بالانچليزية) والاستقرار في القطاع، وهذا على الرغم من حقيقة أنها فرضت على الدوام سياسات ذات تأثير مناقض.

تشمل ورقة السياسات هذه عددا من التوصيات العملية لكيفية قيام حكومات إسرائيل بتغيير سياستها العدائية وتعزيز القطاع الزراعي في غزة وبالتالي تنشيط النشاط الاقتصادي فيها. أولا وقبل كل شيء، يتعلق الأمر بإيفاء الالتزامات التي تنطبق على إسرائيل وفقًا للقانون، وبالإضافة إلى ذلك لا يوجد أي سبب لعدم السماح بتحقيق إمكانيات القطاع الزراعي، الذي ينتظر قطفه كثمرة ناضجة.

توصيات لحكومة إسرائيل:

  • السماح بتسويق جميع البضائع الزراعية خارج القطاع، وعلى الأقل:
    • توسيع قائمة أنواع المنتجات الزراعية من القطاع المسموح تسويقها في إسرائيل والضفة الغربية، بحيث تشمل مثلا، تسويق التوت في إسرائيل والبطاطا في الضفة الغربية.
    • الإبقاء على التوسيعات التي اعتمدت في إطار سنة التبوير الأخيرة.
    • إلغاء نظام الحصص.
    • السماح لأي طرف مهتم بشراء السلع الزراعية من القطاع.
  • إعطاء أولوية لتسويق منتجات زراعية فلسطينية من قطاع غزة والضفة الغربية مقابل منتجات يتم استيرادها من الخارج.
  • السماح بدخول مستمر للمعدات والمواد اللازمة للقطاع الزراعي في غزة.
  • ضمان النشاط الجاري لمعبر كرم أبو سالم والامتناع عن إغلاقه كخطوات عقابية.
  • تمكين حركة التجار من غزة إلى إسرائيل والضفة الغربية وتمكين دخول الشراة من الضفة الغربية إلى غزة من أجل السماح بأداء العملية التجارية.
  • إجراء تحسينات (بالانچليزية) على معبر كرم أبو سالم:
    • تقصير أوقات معالجة البضائع على المعبر.
    • إقامة حاويات تبريد للتخزين في المعبر.
    • زيادة الحد الاقصى لارتفاع البضائع المكدسة وملاءمتها للمعيار الدولي الذي هو 1.9 مترا.
    • تمكين نقل الحاويات من خلال المعبر بواسطة استخدام أجهزة المسح القائمة والامتناع عن المطالب المنهكة المتمثلة بتنزيل وإعادة تكديس البضائع.
  • تخفيض أو إلغاء الضرائب ورسوم استخدام المعبر.
  • فتح معبر بضائع واحد على الأقل في شمال القطاع من أجل تخفيض تكاليف النقل وتحسين شروط الأمان للسكان الذين يعيشون بجانب شارع 232 من خلال تقليص حركة الشاحنات على هذا الشارع.
  • تحسين أوضاع شارع 232 المؤدي إلى معبر كرم أبو سالم من خلال اضافة مسارات وتحسين البنى التحتية للتسهيل على اكتظاظ الحركة على هذا الشارع وتحسين شروط الأمان عليه، ومن أجل تمكين نقل أكثر أمانًا للبضائع إلى المعبر ومنه.

محور زمني

حزيران 2007: منعت إسرائيل بتاتًا خروج البضائع من قطاع غزة. خلال السنوات التالية أضافت إسرائيل عددًا من الاستثناءات لهذا الحظر بما فيها تسويق مقلص جدا لمنتوجات زراعية إلى أوروبا في إطار مشروع تحت رعاية حكومة هولندا. كذلك، سمحت إسرائيل من مرة إلى أخرى بتسويق سعف النخيل إلى نطاقها في عيد العرش العبري

تشرين الثاني 2014: بدأت إسرائيل بالسماح بتسويق محدد للمنتوجات الزراعية من قطاع غزة إلى الضفة الغربية ذلك لأول مرة منذ سبع سنوات

اذار 2015: سمحت إسرائيل بتسويق البندورة والباذنجان من غزة لإسرائيل. التسويق مخصص على نحو حصري للسوق الحريدي في إطار سنة التبوير

كانون الثاني 2017: تواصل إسرائيل السماح بتسويق البندورة والباذنجان من القطاع بعد انتهاء سنة التبوير (التي انتهت في تشرين الاول 2016) وفترة تأقلم لاحقة (استمرت حتى نهاية 2016)

أيلول 2021: بدء سنة التبوير. سمحت إسرائيل خلالها بتسويق خمس منتجات إضافية في نطاقها خلال سنة التبوير – خيار، فلفل حار، فلفل حلو، بطاطا حلوة وكوسا. في شباط 2022 تم أيضًا تسويق البندورة الكرزية أيضًا

كانون الثاني 2022: بدء تسويق المنتجات الخمسة الإضافية من قطاع غزة، مع إضافة البندورة الكرزية في شهر شباط

***

ملاحظات 

[1] خلال السنوات، أضافت إسرائيل عددا من الاستثناءات للحظر، بما في ذلك تسويق مقلص جدًا لمنتجات زراعية من غزة إلى أوروبا في إطار مشروع برعاية حكومة هولندا. كذلك فقد سمحت إسرائيل من حين إلى آخر بتسويق سعف النخيل إلى نطاقها خلال عيد العرش العبري.

[2] يشار إلى أن هذا العدد يتطرق إلى التصدير إلى الخارج وكذلك التسويق في إسرائيل والضفة الغربية ولا يشمل الزهور التي يتم احتسابها وفقا لعدد الورود وليس بالأطنان.

[3] وفقا لبروتوكول باريس من العام 1994، تتقاسم إسرائيل، الضفة الغربية وقطاع غزة غلافا جمركيًا واحدًا وبالتالي فنحن نمتنع عن استخدام مصطلحات التصدير والاستيراد بخصوص التجارة بين هذه المناطق الثلاث.

[4]في العام 2021، بدأت مصر بالسماح بنقل مقلص للبضائع من غزة إلى نطاقها من خلال بوابة صلاح الدين على الحدود مع غزة. يُسمح اليوم بنقل نفايات معدنية وبطاريات مستعملة بواسطته.