كيف يمكن لامرأتين ترغبان باللقاء بكل بساطة، ان تشكلا تهديدًا لسياسة الفصل الإسرائيلية؟
بمناسبة يوم المرأة العالمي، الثامن من آذار 2023، نورد فيما يلي قصة شقيقتين فلسطينيتين، رجل مكسورة، وردّ روتيني من السلطات الإسرائيلية يوجز العنف البيروقراطي الكامن في الإغلاق المفروض على قطاع غزة.
سميرة وأميرة (اسمان مستعاران) هما شقيقتان في أواسط الأربعين من عمرهما، وقد ولدتا في قطاع غزة. تحمل سميرة تصريح إقامة مؤقتة في إسرائيل منذ سنوات طويلة حيث تعيش هناك مع زوجها وأولادها. أميرة أيضًا متزوجة ولديها أولاد، وتعيش في قطاع غزة، لكنها مسجلة كواحدة من سكان الضفة الغربية. على الرغم من انهما تعيشان على مسافة قريبة جدًا الواحدة من الأخرى، فمن النادر أن تتمكن الشقيقتان من الالتقاء معًا، بسبب نظام التصاريح الإسرائيلي الصارم الذي تفرضه على الفلسطينيين. التقت الشقيقتان آخر مرة قبل سنة ونصف السنة، في أعقاب وفاة والدتهما، أما المرة التي سبقتها فكانت في العام 2018.
قبل عدة أشهر، تعرّضت أميرة لحادث سقوط صعب، مما تسبب لها بكسور بالغة في رجلها. وفي حين كانت أميرة بانتظار موعد إجراء عملية لها في القطاع، قدمت سميرة طلبًا إلى السلطات الإسرائيلية على أمل ان تتمكن اخيرًا من رؤية والتقاء شقيقتها علّها تقف إلى جانبها وتساعدها أيضًا إلى حين تتعافى حالتها الصحية، وان تحظى كذلك بفرصة لا تتكرر باحتضان بنات وأولاد شقيقتها.
ليت الأمور كانت بمثل هذه البساطة. لقد رفضت السلطات الإسرائيلية طلب التصريح الذي قدمته سميرة. لماذا، قد تسألون؟ لقد ادعوا أن شقيقتها أميرة لم توقع أبدًا وثيقة “تصريح بشأن الاستقرار” في غزة، أي، تلك الاستمارة التي يعلن فيها الفلسطينيون المقيمون في قطاع غزة والمسجلون كسكان في الضفة الغربية بأنهم “يتنازلون” عن حقهم في العودة إلى الضفة الغربية في المستقبل. ومثلما جاء في تقرير مؤسسة “چيشاه-مسلك”، حركة في اتجاه واحد، فإن الضحايا الأساسيين لهذا الإجراء، الذي يرقى إلى درجة يعتبر فيها جريمة حرب، هن النساء الفلسطينيات.
قالت الجهات الإسرائيلية في ردها على طلب سميرة لتلقي التصريح، أن أمير لا تستطيع الاستحواذ على الخيارين، وعليها أن تقرر: إذا كانت تريد مواصلة العيش في غزة، فهي ملزمة إما بالتنازل عن حقها غير القابل للتصرف في الانتقال مستقبلاً إلى الضفة الغربية، وإما بتقديم طلب للانتقال إلى الضفة الغربية للإقامة هناك بشكل دائم. لم تعرض الجهات الإسرائيلية رغبة أميرة بالاستمرار في العيش في غزة من دون التخلي عن إمكانية الانتقال للعيش في الضفة الغربية مستقبلاً على أنها طموح غير واقعي فحسب، لا، بل وصلت إلى حد الادعاء بأن مجرّد قبول طلب تصريح سميرة لزيارة شقيقتها، سوف يعني إلغاءً كليًا لـ”سياسة الفصل” الإسرائيلية.
بما أن أميرة ليست معنية ولا مصلحة لها بالمرّة في التنازل عن حقها بأن تعيش مستقبلاً في الضفة الغربية، وليست معنيّة بالمرة أيضًا بالانتقال من غزة إلى الضفة الآن، فإنه يتعيّن على الشقيقتين الانتظار، وربما إلى اجل غير مسمى، حتى تسنح لهما الفرصة وتتمكنان مرة ثانية من الالتقاء معًا ورؤية إحداهما الأخرى.
إن اميرة وسميرة ليستا أول امرأتين فلسطينيتين تتم مصادرة حقهما الأساسي من قبل السلطات الإسرائيلية بالتقاء أفراد عائلتهما، وذلك بغية الضغط عليهن وإجبارهن على التوقيع على تصريح يتضمن التنازل عن حقوقهن. ويبدو انهما للأسف لن تكونا الأخيرتين. في يوم المرأة العالمي، نود أن نذكر مرة أخرى بأنه خلال النضال من أجل المساواة الجندرية، واجب علينا مواجهة نظام الاضطهاد الذي ما زالت النساء الفلسطينيات تعاني تحت وطأته بشكل كبير، بما في ذلك الإغلاق الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
للتوسّع وقراءة المزيد من التفاصيل حول وثيقة “تصريح بشأن الاستقرار” وقصص لنساء تضررت حياتهن بسببه: