يتواصل النقص في الكهرباء بقطاع غزة منذ سنوات عديدة وبات، لشديد الأسف، جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للسكان هناك. ابتداءً بأصغر الأمور مثل شحن الهواتف المحمولة وتشغيل الثلاجات في البيوت، ووصولاً إلى الأداء السليم لشبكات المياه والصرف الصحي، أو إنتاج قطاعات الصناعة في القطاع – لا شيء مفهوم ضمنًا في واقع يشكّل فيه توفّر إجمالي الكهرباء أقل من نصف الطلب عليها. منذ سنوات يضطر سكان قطاع غزة إلى ملاءمة حياتهم وفقًا لجدول ساعات توفّر الكهرباء في بيوتهم. أما خلال ساعات قطع التيار، فإن السكان، أو بالأحرى القادرون من بينهم على تحمّل تكاليفها، يعتمدون على مولدات لتلبية الاحتياجات الأساسية.
يصل إمداد الكهرباء إلى غزة خلال السنوات الأخيرة، غالبًا، في دورات من ثماني ساعات من التوصيل، تليها ثماني ساعات من انقطاع التيار الكهربائي. ولكن عندما يزداد الطلب على الكهرباء، تنخفض ساعات التوصيل أكثر نتيجة لذلك. وتزداد الأمور حدّة في إزاء آثار أزمة المناخ والتغيرات الشديدة على درجات الحرارة. هذا العام، على سبيل المثال، سُجّلت زيادة حادة جدًا في الأحمال الحرارية في المنطقة مقارنة بالسنوات السابقة. ونظراً لارتفاع الطلب على الكهرباء اللازمة لمواجهة الأحمال الحرارية الشديدة، فقد انخفضت ساعات التوصيل في غزة إلى حوالي 5-6 ساعات متتالية، تليها ساعات انقطاع أكثر من ذي قبل.
تصل الكهرباء في غزة اليوم من مصدرين (انجليزية): 120 ميغاواط يتم شراؤها من إسرائيل، وهي تصل عبر خطوط الكهرباء المباشرة إلى القطاع. وهناك 65-75 ميغاواط أخرى يتم إنتاجها بواسطة ثلاث توربينات في محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع. حيث يتم تمويل الوقود اللازم لتشغيل محطة التوليد من قبل دولة قطر، ثم يتم شراؤه من إسرائيل ليدخل عبر معبر كرم أبو سالم إلى غزة.
بتاريخ 31 تموز، أعلنت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية في غزة أن قطر ستمول لها تكلفة تشغيل التوربين الرابع خلال شهر آب. ووفقًا للتقارير، فإن المبلغ الذي خصصته الحكومة القطرية (زيادة تبلغ أكثر من ثلاثة ملايين دولار) سيكون كافياً لتشغيل التوربين الرابع حتى الخامس من شهر أيلول. وبهذه الطريقة سترتفع كمية الكهرباء التي تنتجها المحطة لتصل إلى حوالي 95 ميغاواط. وهذا من أجل إتاحة توفير الكهرباء بدورات من ثماني ساعات إمداد مقابل كل ثماني ساعات لانقطاع الكهرباء. مع ذلك، فما زال هذا الوضع بعيدًا حتى عن تلبية الاحتياجات الأساسية للفلسطينيين في القطاع، حيث يصل الطلب الفعلي على الكهرباء إلى أكثر من 500 ميغاواط. الفترة الأخيرة فيها التوربينة الرابعة كانت تعمل بانتظام كانت بين السنوات 2004 وحتى 2006، قبل قصف (العبرية) إسرائيل لمحطة توليد الكهرباء.
في أواخر تموز وبداية آب، خرجت مظاهرات من مواقع مختلفة في أرجاء قطاع غزة احتجاجًا على جودة الحياة المتردية في غزة وطالبت السلطات في قطاع غزة بتحسين ظروفهم المعيشية. وقد كان بين المطالب الرئيسية التي رفعتها المظاهرات مطلب إيجاد حل للنقص الحاد في الكهرباء. ووفقًا لما أفاده مركز الميزان لحقوق الإنسان، فقد قوبل المتظاهرون بالعنف من قبل السلطات المحلية، ووردت أنباء عن اعتقال متظاهرين وصحفيين تواجدوا في موقع الحدث.
إن سنوات القيود على الحركة والقمع الاقتصادي، إلى جانب عوامل أخرى، قد أدت إلى حرمان سكان قطاع غزة من الحد الأدنى المطلوب للعيش بكرامة. وفي الوقت الذي تقوم فيه العديد من الدول حول العالم بخطوات لمواجهة أزمة المناخ المتفاقمة، فإن نقص الكهرباء والسياسات الإسرائيلية بخصوص حركة الأشخاص والبضائع يؤديان إلى تفاقم ضائقة السكان ومنع القدرة على تطوير المناعة المناخية في قطاع غزة، وغيرها من المصاعب ذات الصلة.