هكذا تسير الأمور: تقوم إسرائيل بفرض تقييدات على دخول البضائع المدنيّة إلى غزّة. في العام 2012 أجبرت جمعية “چيشاه-مسلك” الدّولة على كشف النّقاب عن المعادلات الّتي استخدمتها من أجل احتساب أنواع وكمّيات الطّعام التي سمحت بدخولها إلى سكّان القطاع حتى العام 2010. وبعد أحداث أسطول المرمرة، في العام 2010، تغيّرت السّياسة الإسرائيلية: فقد بات من المسموح دخول كل شيء، باستثناء قائمة من الأغراض التي يتطلّب دخولها تصريحًا خاصًّا. وتعتبر هذه المواد “ثنائيّة الاستخدام” لأن هنالك، نظريًا، قلقٌ من استخدامها لأغراضٍ عسكريّة.
مدى حجم قائمة الأغراض ثنائيّة الاستخدام هذه، يؤثّر على جميع مجالات الحياة في القطاع: فالنّقص في الرّافعات وفي المعدّات الثّقيلة يضرُّ بالاستعدادات لحالات الطّوارئ، ويرفع من كلفة البناء، كما ويتمّ تأخير دخول المعدات الطبيّة إلى القطاع، وتقييد دخول الأنابيب المعدنّية المستخدمة في البنى التحتيّة والصناعة، إلخ.
على أعتاب العام 2014، وفي أعقاب الدّمار الهائل الذي تسبّبت به العملية العسكرية الإسرائيلية “الجرف الصّامد”، تمّ السّماح، وللمرة الأولى منذ فرض الإغلاق قبل سبعة سنوات، بدخول موادّ بناء إلى القطاع، تحت الرّقابة. وفي المقابل، فإن قائمة الأغراض التي قدّ تم تعريفها باعتبارها أغراضًا ثنائيّة الاستخدام قد توسّعت بشكلٍ كبير. ففي نيسان 2015، على سبيل المثال، أعلنت إسرائيل بأنها لن تسمح بالدخول للألواح الخشبيّة التي يزيد سمكها عن خمسة سنتمترات، وبذلك، أدّت إلى انهيار قطاع الصناعات الخشبية في غزة. وقد توجهنا في هذا الشّأن إلى منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق مع نهاية السنة الماضية، وذلك في أعقاب نشر قرارٍ إداريٍّ يحظر دخول الألواح الخشبية من دون استصدار تصريحٍ خاصٍّ ومحدّد. وفي معرض ردّه علينا ادعى منسق أعمال الحكومة في المناطق بأن “إسرائيل ليست ملزمة بالمساح بدخول المنتجات من هذا النوع إلى قطاع غزّة”.
تقوم إسرائيل بتقييد دخول زيت الخروع، والأسمدة، وأجهزة الرنين المغناطيسيّ وأجهزة الفاكس، والطّابعات الإلكترونيّة، والرّافعات والمعدّات الثقّيلة، وأجهزة الـ UPS والبطّاريات، وأجهزة اللّحام المعدنيّ وغيرها الكثير. ليس بالإمكان إعادة تأهيل الصّناعة، والتّجارة، والاقتصاد بدون الموادّ الضّرورية لهذه القطاعات. الإجراءات للحصول على تصريح لدخول هذه المواد غير واضحة والحقائق بشأنها يكتنفها الغموضً؛ لكن بالمقابل، الأضرار الناجمة عن حجم هذه المواد واضحةٌ وضوح الشمس.