
11 تموز 2017: “ينتابني شعور بخيبة الأمل عندما ارى مياه الصرف الصحي تتدفق من وادي غزة الى البحر بدون أية معالجة” هذا ما قاله المهندس نهاد الخطيب- مسؤول التشغيل في محطات الصرف الصحي في مصلحة مياه بلديات الساحل للباحث الميداني في جمعية “ﭼيشا – مسلك”. وأضاف: “كنا نواصل الليل بالنهار من اجل انجاز هذا المشروع. كنا نأمل أن نتمكن من معالجة مياه الصرف الصحي ومنع تسربها للمياه الجوفية والبحر، وبالتالي أن نمنع التلوث. لكن كل شيء ذهب هباء” المراحل المختلفة لمعالجة مياه الصرف الصحي، وخصوصًا مرحلة الأكسدة، تحتاج لتشغيل مراوح كبيرة. لهذا بحاجة الى كهرباء، ومن دونها، ستخضع مياه الصرف الصحي للحد الادنى من الترشيح ومن بعدها ستضخ الى مياه البحر.
وعلم الباحث الميداني في جمعية “ﭼيشا – مسلك” من سلطة البيئة في غزة أن الفحوصات التي أجريت على الشواطئ خلال الشهرين نيسان وأيار، إظهرت أن 50 بالمئة من الشواطئ ملوثة ولا تصلح للسباحة. خلال شهر حزيران لم تجرِ فحوصات بسبب حلول شهر رمضان وعيد الفطر، وحسب تقديرات المدير العام للسلطة، في ظل تفاقم الأزمة، ستضطر السلطة إلى منع السباحة في شواطئ اضافية.
وتعتمد الفحوصات على عينات جمعت من مياه البحر في 48 نقطة على طول الشاطئ، ويتم فحصها في مختبرات حسب معايير قررتها منظمة الصحة العالمية. تلوث مياه البحر في غزة لم يبدأ منذ الأزمة الحالية. البنى التحتية المتردية والنقص المزمن في الكهرباء تعني، على الأرجح، أن مياه الصرف الصحي تتدفق للبحر من دون معالجة كافية.
مع هذا كله، فأن الأزمة فاقمت الأوضاع. في بلدية غزة، على سبيل المثال، يفضلون استغلال كمية الكهرباء القليلة المتوفرة لتشغيل المضخات لتصريف مياه المجاري من الاحياء المزدحمة، وليس لتشغيل محطات المعالجة. يوميًا يتم ضخ 110,000 متر مكعب من مياه الصرف الصحي غير المعالجة او معالجة جزئيًا إلى البحر.
التلوث خطير جدًا في الشواطئ الجنوبية للقطاع. في شمال القطاع، اسرائيل تمنع تدفق مياه الصرف الصحي مباشرة إلى البحر، ويتم تمريرها عبر أحواض معالجة ومن ثم ترسيبها في الأرض. وحتى هذا الحل هو إشكاليّ، لأنه يؤدي إلى تلوث الأرض، الذي ينتقل أيضًا إلى الجانب الاسرائيلي. وعلاوة على كل ذلك، يضيف المهندس خطيب بأنه قلق جدًا من التقييدات التي تفرضها اسرائيل على دخول مولدات الكهرباء وقطع الغيار الخاصة بها. هذا النقص يشكل خطرًا على عملية تصريف مياه المجاري من البيوت والأحياء، الأمر الذي لا زال بإمكان البلديات القيام به حتى الان. ماذا لو تعطل أحد المولدات التي تقوم بتشغيل المضخات، يتساءل خطيب؟
على الرغم من أن السباحة في المناطق الملوثة لا تؤدي للموت، لكنها تسبب مشاكل صحية كبيرة، بالأخص لدى الاطفال. من ضمن تلك المشاكل: التهاب جلدية، التهابات في الجهاز التنفسي، التهابان بالأذنين، العيون، اسهال وأوجاع بطن شديدة.
في ظل عدم وجود امكانيات اخرى في هذه الايام الحارة، فأن البحر هو الملاذ الأنسب للترويج عن النفس بالنسبة للكثيرين من سكان غزة. الاطفال تحت جيل 15 عام يشكلون 42% من سكان قطاع غزة، وهم المتضررين الاساسيين من هذه الأزمة.
منذ الاسبوع الاخير، بدأ تأثير تدفق مياه الصرف الصحي للبحر يظهر أيضًا في اسرائيل. بأمر من وزارة الصحة الاسرائيلية تم اغلاق الشاطئان الاسرائيليان القريبان من قطاع غزة بسبب تلوث المياه. التلوث والامراض لا يعترفون بالحدود، ولا بالإغلاق الذي يفرضه البشر، التدهور المستمر في البنى التحتية في قطاع غزة، الذي تتحمل إسرائيل قسطًا من المسؤولية عليه، بالإضافة إلى السلطة الفلسطينية، حكومة حماس في غزة، مصر والمجتمع الدولي، يؤثر في نهاية المطاف على سكان إسرائيل أيضًا. لعبة القمار السخيفة التي تلعبها هذه الأطراف منذ ثلاثة أشهر، وتستخدم خلالها حياة 2 مليون انسان كأوراق لعب، تشكل خطرًا على المنطقة برمتها. يجب ايجاد حل مستدام يضمن حياة آمنة وطبيعية لكل سكان المنطقة.