
26 أيلول 2018. يُعقد يوم غد الخميس اللقاء نصف السنوي لمؤتمر الدول المانحة. وفي التقرير الذي نشره البنك الدولي عشية انعقاد اللقاء الذي سيتم في نيويورك هذه المرة، وبموازاة اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة، يحذر البنك الدولي من عدة مسائل من ضمنها النتائج الخطيرة المترتبة على الإغلاق الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة منذ العام 2007، كما ويعبر البنك عن خشيته من قرب انهيار وشيك للاقتصاد في غزة. فبالإضافة إلى نسبة البطالة غير المسبوقة في غزة، والتي تجاوزت الـ 53 بالمئة، وبلغت في أوساط الشباب أكثر من 70 بالمئة، وفي أوساط النساء نحو 80 بالمئة، برزت مؤخرًا أزمة السيولة المالية، لعدة أسباب من ضمنها العقوبات الاقتصادية التي تفرضها السلطة الفلسطينية على القطاع وإلغاء الدعم الأمريكي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا)، هي أمور تمس بشكل كبير بالفئات السكانية المستضعفة، وستؤدي إلى موجة من الإقالات في القطاع الخاص في غزة.
كل ما سبق، يضاف إلى الحالة المتدهورة أصلا للبنى التحتية للمياه، الكهرباء، شبكات الصرف الصحي والجهاز الصحي بشكل عام. وحسبما حذرت “چيشاه – مسلك” خلال السنوات الماضية، فإن أداء هذه البنى التحتية يبقى تحت خطر دائم. ولا يبدو في الأفق أي تحسن محتمل في أداء هذه البنى التحتية، كما أن الخطر الذي يتهدد كل من الصحة والبيئة يعدّ خطرا محقّقًا وفوريًّا. هذا، وكانت إسرائيل قد التزمت، في اجتماعات سابقة للجنة الدول المانحة، بالدفع قدما ببرنامج “تأهيل إنساني” للقطاع، ورغم هذا، فإن إسرائيل تواصل تجاهل واجباتها ومسؤوليتها عن وضع السكان المدنيين شديدي التردّي في القطاع.
يوضح البنك الدولي، أيضا، أن الوضع الاقتصادي القائم لا يمكن إنقاذه بواسطة ضخ الأموال من الخارج، مشيرا إلى أن المطلوب هو خطوات أوسع من شأنها أن تؤدي إلى الازدهار، وعلى وجه الخصوص، خلق فرص العمل جديدة. ومن الجدير بالذكر أن فرص العمل متوفرة في الجانب الإسرائيلي. وبشكل عام، فإن تدهور الأوضاع في غزة هو نتاج قرارات سياسية لجميع الجهات ذات العلاقة في الإقليم – سلطتي رام الله وغزة، مصر، المجتمع الدولي بمركباته المختلفة، وإسرائيل- هذه القرارات السياسية يتم تنفيذها على حساب سكان غزة البالغ عددهم مليونين، وهي تمس مساسًا خطيرًا، ويوميًّا، بحقوقهم وبفرصهم في عيش حياة سليمة. على جميع الأطراف الكف عن استخدام سكان القطاع كأوراق للمساومة السياسية. على جميع الأطراف تجاوز النشاطات الرامية إلى منع وقوع الكارثة فقط، والعمل سويًا من أجل مستقبل لائق ومنصف لمجمل سكان المنطقة.
الشرط الأساسي لتحريك الاقتصاد في غزة هو، أولًا وقبل كل شيء، إزالة التقييدات الشاملة التي تفرضها إسرائيل على تنقل الأشخاص ونقل البضائع من القطاع وإليه، وهي تقييدات ليس لها أي علاقة بالاعتبارات الأمنيّة. فبغياب المستلزمات الضرورية لإقامة البنى التحتية، ومن دون تسويق وتصدير البضائع، وبدون بناء وإعادة تأهيل الصناعات والقطاعات الاقتصاديّة كالزّراعة والصيد، وبدون إلغاء التقييدات المفروضة على تنقل رجال الأعمال، وخبراء الهايتك، والطلاب الجامعيين، والاختصاصيين، وموظفي مؤسسات المجتمع المدني، وغيرهم، لن يكون من الممكن تحقيق اقتصاد سليم، ولن يمكن تحقيق تنمية مستدامة.
فيما يلي قرارات يمكن اتخاذها فورا، بهدف خلق خطوات قد تؤدي إلى توجهات إيجابية في الاقتصاد وفي الأوضاع الإنسانية:
يجب إلغاء التقييدات الشاملة على التنقل، وإتاحة المجال لنقل البضائع وتنقل الأشخاص بين غزة والضفة الغربية والخارج، واقتصار الفحص الأمني على الفحص الفردي والعيني فقط.
- ينبغي وضع حد لسياسة الفصل التي تهدف إلى قطع الصلة بين شطري المنطقة الفلسطينية، والسماح للفلسطينيين بالتنقل بين قطاع غزة والضفة الغربية، والسفر إلى دول الخارج من خلال معبر إيرز، وفقًا لاحتياجاتهم الشخصية – العمل وكسب الرزق، الدراسة واكتساب الخبرات المهنية، التواصل العائلي ومجالات أخرى.
- ينبغي السماح بنقل البضائع من قطاع غزة نحو إسرائيل والضفة الغربية.
- ينبغي السماح بدخول مواد البناء، المواد الخام واللوازم الأخرى الضرورية للبناء والصناعة.
- ينبغي إصدار تصارح للعمال بهدف دخول إسرائيل. جهات إسرائيلية تتداول منذ سنوات في إمكانية تخصيص حصة مكونة من 5000 حتى 6000 تصريح عمل. يذكر انه قبل أن منعت إسرائيل دخول العمال من القطاع في العام 2006، كان يتم دخول أكثر من 26 الف عامل من غزة إلى إسرائيل يوميًا.
- على إسرائيل أن تغير المعايير التي تشترطها لإصدار تصاريح التجّار، بحيث تتيح لمن يعملون في مجال التصدير والاستيراد بنطاق صغير أيضًا بالحصول على التصاريح، بحيث يمكن لهم توسيع نشاطاتهم التجارية والإسهام في تطوير القطاع، إقتصاديا.
- على إسرائيل توسيع مساحة الصيد مقابل شواطئ غزة لمسافات كفيلة بتحسين قدرتهم على كسب الرزق، أكثر بكثير مما تتيح التقييدات المفروضة حاليا.
- على إسرائيل أن تساهم في حل أزمة الكهرباء المتواصلة في القطاع، كما سبق والتزمت في أكثر من فرصة، حتى في الاجتماعات الأخيرة للدول المانحة.