15 تشرين أول، 2017. محمد عوض، طالب جامعي من غزة، تم قبوله لدراسة اللقب الثاني في إحدى الجامعات البريطانية. في اللحظة الأخيرة تماما، بعد أن بدا أنه قد فوّت فرصته، وفي أعقاب الاهتمام الإعلامي في قصته، بمبادرة من “چيشاه – مسلك”، تمت المصادقة على طلبه بالخروج من غزة. وقد نجح عوض بالخروج من القطاع والوصول إلى حيث يرغب لكي يحقق طموحه بالدراسة في الخارج.

الطالب عوض هو واحد من مئات الأكاديميين الشباب والواعدين من سكان غزة، الذين يتم قبولهم لبرامج تعليمية هامة في جامعات عبر العالم. هكذا، وبعد قبولهم لدراسة اللقب الثاني فما فوق – فطلاب اللقب الأول لا يُنظر في طلباتهم للخروج من غزة أصلا –   يدخل هؤلاء في عملية طويلة ومليئة بالمصاعب من أجل الحصول على تصاريح خروج من القطاع. وبما أن معبر رفح مغلق أغلب الوقت منذ أواسط العام 2013، فإن معبر إيرز يشكل البوابة الوحيدة التي يمكن الخروج من خلالها من غزة. إن المحظوظين القليلين الذين ينجحون في الحصول على تصريح خروج يعبرون عبر معبر إيرز عبر سفرية منظمة متوجهة إلى جسر أللنبي، عبر الأردن، ومن هنالك وصولا البلدان التي يرغبون بالسفر إليها. تنطلق هذه السفرية مرة واحدة في الأسبوع، صبيحة كل يوم ثلاثاء. إن سكان غزة الذين يسعون إلى الخروج من القطاع لغرض السفر إلى الخارج متعلّقون أيضا بالجدول الزمني لهذه السفرية. وبتصريح المرور عبر الأردن. وبوجود تأشيرة سارية المفعول إلى الدولة التي يسعون إلى السفر إليها. وبوجود تصريح من جهاز الشاباك. وفقط، في حال كانت جميع هذه الوثائق متوفرة، وكان هنالك تناسب في الجداول الزمنية فيما بينها، فإن فرص هؤلاء بالخروج من غزة ترتفع.

وفي حال رفض منح الطالب تصريح للخروج من القطاع، أو في حال لم يتم الرد على طلبه في الوقت المناسب من قبل منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق، فإنه يحرم من إمكانية الوصول إلى المؤسسة الأكاديمية في الموعد، وقد يفقد مقعده في الجامعة، وكذلك المنحة الدراسية. إن فقدان المقعد في الجامعة له تبعات جسيمة على كل طالب، خصوصًا أن الإمكانيات المتاحة أمام سكان غزة محدودة جدًا.

ثلاثة طلبة جامعيون من غزة، حالهم كحال محمد عوض، طلبوا مساعدة من “چيشاه – مسلك”، وكانوا يواجهون خطرا كهذا بالذات. وقد تم قبول أحدهم لدراسة اللقب الثاني في الإدارة والهندسة في جامعة “بيرمنغهام”، والثاني تم قبوله لدراسة اللقب الثاني في الهندسة وتصميم الفولاذ في “إمبيريال كولدج” في لندن. والثالثة، التي يأمل كل من زوجها وابنتها الرضيعة بالانضمام إليها لاحقًا، قد تم قبولها لتعلّم إدارة الأعمال في جامعة إدنبرة. وعشية موعد السفر المفترض، استقالت من عملها.

قامت إسرائيل، خلال عيد العرش، بفرض إغلاق كامل على كل من قطاع غزة والضفة الغربية. وقد عادت المعابر إلى العمل في الرابع عشر من تشرين ثاني. ورغم أن وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية لم تعلن رسميًا بأن سفرية يوم الثلاثاء، في العاشر من تشرين ثاني ستلغى، وهو يميز الجهود القليلة التي يبذلونها لإعلام سكان غزة بحقوقهم وبإمكانيات السفر المتاحة أمامهم، فقد كان من الواضح أنه في حال عدم خروج هؤلاء الطلاب الثلاثة من القطاع في الثالث من تشرين الأول، قبل فرض الإغلاق الشامل، فإنهم سيفقدون مقاعدهم في الجامعات.

حتى صبيحة الثالث من تشرين أول، لم يقدم مكتب الارتباط والتنسيق الإسرائيلي لقطاع غزة ردًا للطلاب الثلاثة حول طلباتهم بالسفر، وهذا يعني عمليًا الرفض. وفي الساعة العاشرة والنصف تقريبا من صبيحة ذلك اليوم، تلقينا خبرًا يفيد بأن طلبين اثنين من الطلبات الثلاثة قد صودق عليهما. وقد بقي أمام الشخصين نحو تسعين دقيقة لرزم أغراضهم، وتوديع جميع أعزاءهم والوصول إلى معبر إيرز. وبعد مرور نحو ساعة اتصل مكتب الارتباط بنا لكي يهدئنا ولكي يبلغنا أن سفرية إضافية ستنطلق من إيرز لاحقا في ذلك اليوم.

وحتى ذلك الوقت، لم يحصل الطالب الثالث على رد بشأن تصريحه. ولكي نساعده في الخروج قبل أن تتعرض سنته التعليمية الفريدة التي تم قبوله إليها للخطر، اضطررنا إلى الالتماس للمحكمة العليا. وكانت الدولة مستعدة أن تصل إلى هذا الحد لكي تدافع عن عنادها في منع ذلك الشاب، الذي يملك جميع التصاريح والأوراق الثبوتية والنماذج، ومعه من الخروج في الوقت المناسب له؛ ولكي تضطره إلى الانتظار أسبوعًا إضافيًا. وبضغط من المحكمة، اكتفى منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق بتحقيق أمني قصير مع الشاب، استغرق عشرة دقائق، بعدها سُمح له للخروج سعيا وراء تحقيق حلمه.