يوم الثلاثاء، 11 كانون الثاني 2022: تقرير جديد من إصدار “چيشاه – مسلك” نُشر اليوم تحت عنوان “خطوط حمراء، قوائم رماديّة” يعرض 10 أسئلة وأجوبة حول سياسة إسرائيل المتعلّقة بدخول المواد التي تعرّفها على أنّها “مزدوجة الاستخدام” إلى قطاع غزّة – وهي الموادّ التي تستخدم لأغراض مدنيّة ولكن تشتبه إسرائيل باستخدامها لأغراض عسكريّة أيضًا. تقيد وتمنع إسرائيل منذ سنوات دخول هذه المواد الضروريّة للاقتصاد والقطاع الصحيّ والبنى التحتيّة المدنيّة، فالنقص في هذه المواد يضرّ في حياة السكان، يمنع إمكانيات التطور ويحبط جهود الترميم والبناء.
يعتمد التقرير على بحث واسع قامت به “چيشاه – مسلك” ويرتّب كل ما يجب معرفته عن سياسة إسرائيل الجارفة بالنسبة للموادّ “مزدوجة الاستخدام”. تحليل “چيشاه – مسلك” يظهر أن السياسة الإسرائيليّة تعاني من انعدام الشفافيّة والغموض المتعمّدين، تتعدى المعايير الدوليّة بشكل كبير وتؤدي إلى انتهاكات متواصلة لواجبات إسرائيل، بحسب القانون، بإتاحة عيش حياة طبيعية في قطاع غزة.
يستعرض التقرير أيضًا التغييرات العشوائية في طريقة تعامل إسرائيل مع الموادّ مزدوجة الاستخدام خلال السنوات، يضيء على الطرق المختلفة لتنسيق دخول هذه الموادّ من إسرائيل ومصر، ويفسّر الالتزامات القانونيّة لجميع الأطراف المعنيّة في المنطقة، وخاصة إسرائيل، للسماح بدخول هذه البضائع. كما ويسلّط جزء كبير من التقرير الضوء على عمل “آليّة إعادة إعمار غزّة” (GRM)، وهي اتفاقيّة تم التوصّل إليها بين إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة بوساطة الأمم المتّحدة في أعقاب الحرب في صيف 2014. البيروقراطيّة المعقّدة وشروط المراقبة المبالغ بها وانعدام الشفافيّة والمسؤوليّة، كلّها أمور تُميّز متطلبات إسرائيل من الآليّة، تؤدّي إلى تأخيرات في عمليات البناء وإيقاف عمل المقاولين، بل وإنشاء سوق سوداء حتى.
بالإضافة إلى ما ذكر أعلاه، نستعرض في التقرير شهادات خبراء ومهنيّين يصفون بكلماتهم كيف أدّت القيود على الموادّ “مزدوجة الاستخدام” وظروف العمل داخل إطار آليّة إعادة إعمار غزّة إلى أضرار جسيمة بحق الملكية وسبل كسب الرزق. أحد رجال الأعمال في القطاع قال لـ”چيشاه – مسلك” خلال العمل على التقرير أنّه “يشعر من يعمل عن طريق الآليّة أنه يعمل تحت حد السيف”.
تجري إسرائيل في هذه الأيام محادثات مع الأمم المتّحدة وجهات أخرى حول مستقبل “آليّة إعادة الإعمار”، وتستخدم إمكانية الإقرار بـ”تسهيلات” وعلى دخول الموادّ التي تعرّفها “مزدوجة الاستخدام” إلى غزّة كأداة لتشغيل ضغط سياسيّ على حماس. وعليه، يجب التطرّق بسرعة مستعجلة لسياسة إسرائيل فيما يتعلّق بالموادّ “مزدوجة الاستخدام”، العِلل وأوجه القصور الخطيرة في “آلية إعادة الإعمار” التي تديرها بنفسها. هذا بالإضافة إلى الإلحاح في مطالبة إسرائيل بالإلتزام بالحفاظ على حقوق سكان قطاع غزّة الذين يعيشون تحت سيطرتها، والسماح بدخول كل ما هو ضروريّ لمعيشتهم وحياتهم.
لقراءة التقرير “خطوط حمراء، قوائم رماديّة”: إضغطوا هنا.
تلخيص أوجه القصور والتوصيات:
ترى مؤسسة “چيشاة-مسلك” أن على إسرائيل تمكّين دخول البضائع إلى غزّة بشكلٍ متواصلٍ وسريع وموثوق، وأن تبذل الجهود القصوى من أجل تمكين السكّان الذين يعيشون تحت احتلالها من العيش حياة كريمة ومن أجل حماية حقوقهم. التقييدات التي تفرضها إسرائيل على نقل البضائع، وعلى رأسها المواد “ثنائيّة الاستخدام”، هي تقييدات جارفة ومبالغ بها. النظام الذي طوّرته إسرائيل من أجل السيطرة على حركة المواد ثنائيّة الاستخدام من خلال منظومة إعادة الإعمار ومسارات أخرى، هو نظام مركّب تهيمن عليه البيروقراطيّة، مُكلف ويعاني من انعدام الشفافيّة. في حالات كثيرة، تفرض إسرائيل تقييدات غير لازمة على ادخال مواد معيّنة، تراكم تأخيرات وعراقيل تؤدي لأضرارٍ اقتصاديّة جديّة لمن يضطرون للتعامل مع المنظومة، وتعوّق إعادة الإعمار والبناء وتعيق عمل جهاز الصحّة وبنى تحتيّة مدنية إضافيّة وتخنق الصناعة في القطاع.
تشكّلت المنظومة على أساس مطالبات “أمنيّة” جارفة فرضتها إسرائيل، على حساب الحاجات المدنيّة في غزّة. على إسرائيل أن تجد التوازن بين مسؤوليّاتها تجاه سكّان القطاع والتزاماتها تجاه أمن سكّان إسرائيل. سياسة مراقبة المواد ثنائيّة الاستخدام التي تفرضها إسرائيل، والتي تطبّقها من خلال منظومة إعادة الإعمار، لا توازن كما يجب بين هاذين الواجبين.
إلى جانب الحاجة لإصلاحٍ شاملٍ في نظام التقييدات الإسرائيليّ، والذي عليه أن يؤدّي لدخول المواد الضروريّة إلى القطاع وملائمة سياسة إسرائيل تجاه المواد ثنائيّة الاستخدام للتعليمات الدوليّة السائدة، هنالك عدّة إشكاليّة مركزيّة تتطلّب، بنظرنا، علاجًا فوريًا:
- الطابع الفضفاض لقائمة المواد ثنائيّة الاستخدام: معظم المواد التي تظهر في القائمة هي مواد ضروريّة للحاجات المدنيّة الأساسيّة، وادخالها في القائمة غير مبرّر أو منطقيّ. القائمة الموجود تتجاوز كليًا أي تأويل معقول للتعليمات المتعارف عليها دوليًا. الرقابة المبالغ بها على دخول المواد اليوميّة- مثل طلاء الخشب أو مخفّف الطلاء، قطع غيار للأجهزة ومعدّات اتصال – هي رقابة غير تناسبيّة في مقابل حجم الخطر الذي قد ينجم عنها، وعليه فهو يمس ويقيّد ويعرقل العمل الإنسانيّ وإمكانيّة عيش حياة كريمة في قطاع غزّة.
- المماطلة المتواصلة والتكاليف الباهظة: إجراء الفحص والمصادقة على طلبات دخول المواد إلى قطاع غزّة يتميّز بمماطلة متواصلة، ومن شأنه أن يحبط دخول المواد الإنسانيّة والحيويّة. السلطات الإسرائيليّة تخرق واجباتها القانونية بالرد على الطلبات بأسرع وقت وبما لا يتجاوز 45 يومًا من يوم تلقّي الطلب. الرد على الطلبات يُمكنه أن يصل بعد شهور طويلة، أو حتّى سنوات. طلبات بيروقراطيّة وطلبات أخرى تشكّل شروطًا أوليّة لدخول المنظومة هي طلبات غير منطقيّة في كثير من الأحيان. هذه الطلبات تزيد التكاليف على المستهلك النهائيّ وعلى المتبرّعين، وهو ما يرفع الأسعار ويدفع نحو السوق السوداء.
- انعدام المسؤوليّة تجاه الأضرار الناجمة: لا توجد منظومة تعويض لقاء الأضرار الاقتصاديّة الناجمة عن المماطلة غير المنطقيّة في المصادقة على الطلبات والإهمال في معالجتها، حتّى حين يؤدّي الأمر إلى خسائر هائلة لمقدّمي الطلب أو للمستهلكين النهائيين. تمتلك إسرائيل صلاحيّات واسعة جدًا لمصادرة واحتجاز البضائع، وذلك اعتمادًا على تعليمات قانونيّة ضبابيّة، وتستخدم هذه الصلاحيّة بشكل يعرقل ويعوّق دخول البضائع بشكلٍ متواصل وينتهك الحق في الملكية. كثيرًا ما ترد إسرائيل بخطوات متطرّفة في حالات عدم استيفاء الشروط التي تفرضها منظومة إعادة الإعمار، مثلًا اقصاء المزود من منظومة العمار بسبب خلل في عمل إحدى كاميرات المراقبة نجم عن انقطاعات الكهرباء المتواصلة.
- انعدام الشفافيّة وصعوبة الوصول: سياسية إسرائيل بشأن المواد ثنائيّة الاستخدام وعمليّة تقديم الطلبات لتنسيق دخول هذه المواد، تعاني من انعدام الشفافيّة. القانون الإسرائيلي للرقابة على نقل المواد ثنائيّة الاستخدام، والتعليمات المشتقة منه، غير منشورة بترجمة للعربيّة أو للإنجليزية. تنقص معلومات واضحة ومحدّثة ودقيقة في الموقع الرسميّ لمنظومة إعادة الإعمار حول عمل المنظومة. في ظل عدم إعلان المعلومات، يتولّد أثر ذلك رادع يحول دون السعي للمبادرة والتطوير. أيضًا، لا يوجد إجراء فعّال، شفّاف وواضح لتقديم الاستئنافات والشكاوى لمن تم إقصاؤهم من المنظومة.
- انتهاك القانون الدوليّ: كقوّة احتلال، على إسرائيل أن تفعل كل ما بوسعها من أجل تمكين الحياة في قطاع غزّة. الحد الأدنى من هذا الواجب هو الامتناع عن عرقلة دخول المساعدات الإنسانيّة. بالإضافة لذلك، يفرض القانون الدوليّ على إسرائيل واجب اتخاذ دور فاعل في تمكين النشاط الاقتصاديّ الجاري والحفاظ على حقوق الإنسان الأساسيّة للمجتمع الذي يعيش تحت سيطرتها. تنتهك إسرائيل مرة تلو الأخرى واجباتها وتمنع التزويد المنتظم للبضائع لسكّان غزّة المدنيين، بما في ذلك المساعدات الإنسانيّة.
لقراءة التلخيص كاملًا، هنا.