منذ التصعيد الأخير الذي بدأ في 10 أيار، وحتى بعد أكثر من شهر على التوصل إلى وقف إطلاق النار، لا تزال إسرائيل تفرض مجموعة من التقييدات المشددة على حركة الأشخاص والبضائع من وإلى قطاع غزة، بالإضافة إلى تقليص المجال البحري المسموح الصيد فيه.

تمس التقييدات الإسرائيلية المستمرة على حركة الأشخاص والبضائع باقتصاد القطاع، بنيته التحتية المدنية، الجهاز الصحي، وحتى بحق سكانه بالحياة والكرامة. هذه التقييدات هي عقاب جماعي محظور واستغلال لسيطرة إسرائيل على المعابر. لا تنتهك هذه التقييدات التزامات إسرائيل القانونية والأخلاقية تجاه سكان غزة فحسب، بل انها تعرقل إعادة بناء حياتهم بعد الأضرار التي خلفها العدوان.

معبر كرم أبو سالم

دخول الوقود لمحطة الطاقة

حظرت إسرائيل يوم 11 أيار دخول الوقود إلى محطة الطاقة في غزة ما أدى إلى انخفاض في تزويد الكهرباء للسكان، وعرّض عمل المستشفيات والبنى التحتية المدنية الأخرى، كالمياه والصرف الصحي للخطر.

سمحت إسرائيل يوم الاثنين 28 حزيران، للمرة الأولى منذ التصعيد، بدخول الوقود المخصص لمحطة الطاقة في غزة عبر معبر كرم أبو سالم. بحسب المصادر في المعبر، دخلت 12 شاحنة وقود صناعي لمحطة الطاقة في ذلك اليوم. استمر دخول الوقود اليوم ويوم أمس. نتيجة لذلك، تعمل الآن ثلاثة من أربعة مولدات في محطة الطاقة. يأتي ذلك بعد فترة طويلة تم فيها تشغيل اثنين فقط من المولدات بوقود تم شراؤه من السوق الخاص في غزة وقد تم إدخاله من مصر.

أدى تشغيل المولد الإضافي إلى تحسين في تزويد الطاقة المتاحة لسكان القطاع. يتم توفير الطاقة الآن في دورات توصيل مدتها 8 ساعات، تليها 8 ساعات انقطاع. اعتبارًا من 30 حزيران، بلغ إجمالي تزويد الكهرباء في غزة 188 ميغاواط (66 ميغاواط من محطة توليد الطاقة، و- 122 ميغاواط أخرى من خطوط الكهرباء من إسرائيل)، لا تزال هذه الكمية منخفضةً جدًا مقارنة بالطلب على الكهرباء في القطاع، والذي يبلغ 400 – 450 ميغاواط.

اخراج البضائع لتسويقها في الضفة الغربية وفي إسرائيل

في 22 حزيران، ولأول مرة منذ بداية التصعيد، تم تسويق المنتجات الزراعية من غزة للضفة الغربية. في 23 حزيران، أعلنت إسرائيل أنها ستسمح مجددًا بتسويق المنتجات الزراعية من غزة في الضفة الغربية، لكنها اشترطتها بإزالة العروق الخضراء من البندورة، وهو مطلب يزيد من صعوبة الأمر على المزارعين والتجار في القطاع، ويقلص فترة صلاحية المنتوجات. نتيجة ضغوطات مطولة ورفض لإخراج المنتجات الزراعية من قطاع غزة حتى إزالة الشرط الجديد، تراجعت إسرائيل عن شرطها.  ولكن فقط حتى الأول من اب.

يوم أمس، 30 حزيران، تم تنسيق تسويق 200 طن من البندورة و- 100 طن من الخضار الأخرى من غزة الى الضفة الغربية. اليوم، 1 تموز، تم تسويق 50 طناً إضافيا من البندورة إلى الضفة الغربية. في 29 حزيران، أعلنت إسرائيل أنها ستسمح أيضًا بتسويق الأسماك من غزة في الضفة الغربية. اليوم، سوقت أسماك غزة في الضفة الغربية لأول مرة.

لم يتضح بعد للتجار والمزارعين في غزة ما إذا كانوا سيتمكنون من تسويق بضائعهم من جديد في إسرائيل أيضًا، وما إذا كانت إسرائيل ستسمح لهم بتقديم عينات للفحص المخبري.

حتى 11 أيار سمحت إسرائيل بخروج بضائع محدودة من غزة عبر معبر كرم أبو سالم لتسويقها في إسرائيل والضفة الغربية، حيث سُمح بتسويق البندورة والباذنجان من غزة في إسرائيل (بحسب الكميات التي تسمح بها إسرائيل)، بالإضافة إلى المنسوجات، والأثاث، والخردة المعدنية. كما وتمت الموافقة على تسويق الأسماك وسلع زراعية محدودة في الضفة الغربية.

حتى بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في 21 أيار، وبعد أسبوعين من إغلاق إسرائيل لمعبر كرم أبو سالم بشكل شبه كامل، واصلت إسرائيل منعها لتصدير وتسويق البضائع من قطاع غزة، منع الاغلاق الشامل تسويق البضائع القليلة التي سمحت إسرائيل بتسويقها في الضفة الغربية وإسرائيل قبل التصعيد، مما تسبب بخسائر فادحة لسكان غزة وأضر باقتصادها. بحسب وزارة الزراعة في غزة، فإن الحظر الذي فرضته إسرائيل على تسويق البضائع عبر معبر كرم أبو سالم منذ 11 أيار وحتى يوم أمس قد أدى إلى خسائر بقيمة 17.8 مليون دولار للقطاع الزراعي.

دخول مواد البناء والمواد الخام المستخدمة في الصناعة والزراعة

بحسب وزارة الزراعة في غزة، دخلت القطاع يوم 28 حزيران أسمدة ومعدات زراعية لأول مرة منذ أن أغلقت إسرائيل معبر كرم أبو سالم في 11 ايار. في 27 حزيران، سمِح لأول مرة بدخول المواد الخام لاستخدام صناعة الأغذية، بما في ذلك العلب الفارغة، وورق التغليف، والمنتجات البلاستيكية. سمِح في نفس اليوم بدخول مواد التنظيف أيضًا.

لم تسمح إسرائيل حتى الآن بدخول مواد ومعدات كثيرة ضرورية للزراعة والصيد. حسب مصادرنا في قطاع غزة، فإن إسرائيل كثيرا ما تغير سياستها بشأن المعدات الزراعية التي يمكن إدخالها إلى قطاع غزة، مما يزيد من صعوبة تنسيق استيراد البضائع ويؤخر دخولها. كما أن الحظر على دخول مواد البناء، بما في ذلك الإسمنت والحصى، لا زال مستمرًا، ما يعيق إعادة ترميم القطاع من الأضرار البالغة التي حلت به بعد الهجوم الذي عانت منه غزة في أيار الأخير.

معبر إيرز (2016). تصوير: “چيشاه-مسلك”
معبر إيرز (2016). تصوير: “چيشاه-مسلك”

معبر إيرز

حركة الأشخاص

حركة الأشخاص من وإلى قطاع غزة مقيدة الآن حتى بالنسبةً لما كانت عليه قبل التصعيد الأخير، بسبب القيود المستمرة التي تفرضها إسرائيل بموجب “إغلاق كورونا” الذي فرضته في آذار 2020. لا يمكن الخروج من معبر إيرز إلا للمرضى الذين يحتاجون رعاية طبية ضرورية، وفي حالات قليلة أخرى.

سمِح في تاريخ 28 حزيران بعودة سكان قطاع غزة الذين كانوا عالقين في الأردن ودول أخرى دون إمكانية العودة إليها بسبب القيود الإضافية التي فرضتها إسرائيل على معبر إيرز. في تاريخ 3 حزيران، سمحت إسرائيل لمرضى السرطان بمغادرة غزة لتلقي علاجات عاجلة بعد منعها لذلك لعدة أسابيع، منتهكة بذلك حقوق السكان بالصحة والحياة.

البريد

منذ بداية التصعيد، منعت إسرائيل أيضًا مرور البريد من وإلى غزة عبر معبر إيرز. سمحت إسرائيل بدخول البريد المتراكم عبر معبر إيرز في 21 حزيران، وفي 29 حزيران، سمحت بخروجه من القطاع أيضًا.

في توجهين لوزير الأمن، ومنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية وضابط مقر الاتصالات والبريد، طالبت “چيشاه – مسلك” بإلغاء الحظر على نقل البريد الذي ينتهك حقوق السكان الأساسية في الملكية والكرامة ويمس بحقهم بحرية الحركة. يؤثر حظر مرور البريد على وصول جوازات السفر الفلسطينية من وإلى السفارات والقنصليات الأجنبية التي لا تمثيل لها في قطاع غزة، وكذلك من وإلى مكاتب الوزارات الفلسطينية في رام الله. اضطر العديد من السكان إلغاء رحلاتهم العاجلة إلى خارج البلاد عبر معبر رفح للعلاج، ولمّ الشمل والدراسة والعمل.

معبر كرم ابو سالم (2015). تصوير: “چيشاة-مسلك”
معبر كرم ابو سالم (2015). تصوير: “چيشاة-مسلك”

مجال الصيد في غزة

حظرت إسرائيل خلال فترة العدوان على قطاع غزة الدخول إلى المجال البحري بشكل كامل، ما مس بالآلاف ممن يعتمد دخلهم على صيد الأسماك ودخول البحر بشكل آمن. في تاريخ 25 أيار، بعد التوصل إلى اتفاقية إطلاق النار بأيام قليلة، فتحت إسرائيل منطقة الصيد لكنها قيدت الدخول إلى البحر لمسافة أقصاها 6 أميال بحرية من شواطئ القطاع. في تاريخ 25 حزيران، وسعت إسرائيل منطقة الصيد لمسافة 9 أميال بحرية. سُمح قبل التصعيد بدخول البحر لمسافة أقصاها 15 ميلاً بحريًا.