كما هو معروف، فقد التمست جمعية “چيشاه-مسلك” ضد الإجراء المتبع في وزارة الداخلية الإسرائيلية والذي يتيح تسجيل الحالة الاجتماعية لإسرائيليين تزوجوا من أجانب، في سجل السكان، باعتبار حالتهم الاجتماعية “قيّد الفحص” بدلا من “متزوج/ة” كما هو مُتَّبع في حالة الزواج بين شخصين يحملان الجنسية الإسرائيلية. حيث تبقى هذه الإشارة على مدى شهور ثلاثة. وفي أعقاب الالتماس، أصدرت محكمة العدل العليا أمرًا مع وقف التنفيذ وطولبت الدولة بتقديم ردّها المُعلَن الذي توضّح فيه السبب الذي يبرر هذا التمييز بين الإسرائيليين المتزوجين من أجانب وبين الإسرائيليين الذين تزوجوا من حملة الجنسيات الإسرائيلية. وبحسب ادعاء الدولة، فإن الحاجة إلى تأجيل تسجيل زواج الإسرائيليين المتزوجين من أجانب على مدار ثلاثة شهور، نابعة من الحاجة إلى فحص صحة وثيقة الزواج التي يبرزها المتزوجون، إلى جانب الحصول على تفاصيل حول الزوج/ة الأجنبي/ة.

في معرض ردّها، ادّعت جمعية “چيشاه – مسلك” بأن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، وذلك لأن الوثائق المقدمة في هذه الحالة هي ذاتها الوثائق التي يقدّمها إسرائيليون تزوّجوا من اسرائيليين، ولأن مجمل التفاصيل ذات العلاقة بالأجنبي معلومة للدولة منذ تقديمه طلب التسجيل. كما ادعت الجمعية بأن ما يحدث هو تعطيل يتعارض مع القانون ومع التشريع القضائي فيما يتعلق بالصلاحيات المقلصة لموظف السجل المدني. ولغرض تعزيز ادعاءاتها، توجهت جمعية “چيشاه-مسلك” إلى وزارة الداخلية الإسرائيلية بطلب لتقديم تفاصيل اضافية فيما يتعلق بنوعية الفحوصات التي يقوم موظفو السجل المدني بإجرائها أثناء فترة “الفحص”، إلى جانب تفاصيل إضافية أخرى متعلقة بهذه الممارسة. وفي معرض ردّها، لم تقم الوزارة الإسرائيلية بتقديم تفاصيل حول نوعية الفحوصات وأشارت فحسب إلى أن الفحوصات التي تُجرى في هذا الشأن ليست “قائمة موحدة وجاهزة” وهي تتعلق بعدة أمور من ضمنها الحالة الخاصة للزوجين، دينهما، عمريهما، جنسيتهما، وغيرها. (يمكن الاطلاع على تلخيصات للادعاءات التي تقدّمت بها الأطراف قبل جولة المداولات الثالثة في الالتماس التي جرت بتاريخ 10.5.2017 عبر الاطلاع على الوصلات التالية التي يرد فيها موقف كل من “چيشاه-مسلك” والدولة).

هذا، وقد قام قضاة المحكمة العليا بتوبيخ الدولة على ردّها، وذلك في المداولات التي أجريت في المحكمة. كما وقرر القضاة أن على الدولة أن تثبت، باستخدام معطيات حقيقية، أية فحوص يقوم موظفي السجل المدني بإجرائها أثناء فترة الـ”فحص” التي تستمر على مر شهور ثلاثة. وكان القضاة قد تساءلوا حول صلاحيات وزارة الداخلية الإسرائيلية في التمييز لغرض التسجيل بين الإسرائيليين المتزوجين من إسرائيليين وبين الإسرائيليين المتزوجين من أجانب، إلى جانب قيام الدولة بتعطيل تسجيل الفئة الأخيرة على مدار ثلاثة شهور. وقد قالت القاضية باراك إيرز خلال المداولات: “أنا، بشكل شخصي، شعرت بالانزعاج لدى قراءتي المادة التي قمتم بتقديمها إلى المحكمة، وبعد أن سمعت أقوال سيدي [ممثل الوزارة] فقد صرت أكثر انزعاجًا”. وردًا على ادعاءات ممثل الدولة أن “چيشاه – مسلك” لم تثبت وجود اعتبارات غير مقبولة وراء هذه الممارسة، قالت القاضية: “لا حاجة إلى إثبات وجود اعتبارات غير مقبولة، بل عليكم أنتم أن تثبتوا أن لديكم صلاحية، وبأن آلية مواءمة هذه الآلية تتلاءم والفحوى”.

وعلى الرغم من أن القاضي ميلتسار قد أشار إلى أن الدولة لا تقوم أثناء فترة “الفحص” بإجراء أية فحوصات، فإن الأمر يثبت عدم وجود أي تبرير لهذه الممارسة. وهذا ما قاله: “لا بد أن سيدي [ممثل الوزارة] يتفق معي أنكم إن لم تقوموا، خلال العامين الماضيين، بإجراء فحص مقلّص .. فهذا يثبت بأن الأمر غير عملي”. وقد قال القاضي عميت أيضًا بأن: “هنالك منطق كامن خلف سؤال “من أنت” ولكن المشكلة من ناحيتي هي أن إجابة “من أنت” لا تتطلب الإجابة عليها بأكثر من مقابلة تستغرق نصف ساعة”.

هذا، وقد أصدر القضاة في نهاية المداولات أمرًا للدولة أن تقوم خلال 120 يومًا بتقديم تفاصيل إضافية حول ممارسة “قيد الفحص” المذكورة وحول الفحوصات التي تم إجراؤها، إن تم إجراؤها أصلا، في 500 حالة يتم انتقاؤها بالصدفة من ضمن مجمل الطلبات المتعلقة بتسجيل الزواج التي تم تقديمها خلال العام الماضي ما بين إسرائيليين وأجانب. كما طولبت الدولة بتقديم معطيات بحث مقارن فيما يتعلق بالإجراءات المماثلة، إن كانت هنالك إجراءات كهذه، في دول أخرى. وقد قام القضاة بتوجيه ملاحظة شفوية للدولة مفادها أن وبحال أثبتت الاستنتاجات من هذه الفحوصات أنه ما من وجود لفحوصات خاصة يقوم بها موظفو السجل المدني تبرر هذا التعطيل الذي يستمر لمدة ثلاثة شهور أثناء التسجيل، فإنهم ينصحونها بإعادة النظر في ضرورة الأخذ بهذا الإجراء.