معبر إيرز. تصوير: جمعية “چيشاه-مسلك”
معبر إيرز. تصوير: جمعية “چيشاه-مسلك”

30 كانون ثاني، 2019. . لم تجد المحكمة، مجددا، سببا للتدخل ورفع الظلم المتواصل والمتصاعد الممارس تجاه الفلسطينيين سكان قطاع غزة. وقد التمسنا إلى المحكمة العليا سويًا مع جمعيتي أطباء لحقوق الإنسان و”هموكيد” مركز الدفاع عن الفرد، وطالبنا الدّولة بتعديل الإجراء الإداري الذي يحدد المدة الزمنيّة لمعالجة طلبات سكان قطاع غزة لاستصدار تصاريح عبور. وقد ادّعينا بأنّ المدة الزمنية التي وضعتها إسرائيل لنفسها غير معقولة بشكل متطرف، وقد أظهرنا أنّ الأمر لانتهاك خطير لحق السّكّان في ممارسة أبسط الحقوق الإنسانيّة، ناهيك عن حقوق الإنسان بشكل عام.

ويتيح هذا الإجراء الإداريّ لأصحاب القرار تجاهل الأدوار المحجوزة مسبقًا لعلاجات طبّيّة مصيريّة والمؤتمرات والنشاطات ذات المواعيد المحددة مسبقًا، واعتراض طريق من يرغبون بزيارة أحد أقارب العائلة الذي يعاني من مرض مميت، أو الوقوف حجر عثرة في طريقة من يسعون للمشاركة في احتفال عائلي، رغم أن هذه الظروف تندرج ضمن المعايير الضيقة التي وضعتها إسرائيل ضمن الحالات التي يمكن فيها لسكان قطاع غزة تقديم طلبات لاستصدار تصاريح عبور. وقد طلبنا التعامل مع جميع هذه الظروف من الناحية المبدئية، إلا أنّ المحكمة قد فضّلت التعامل مع التماسات فرديّة وعينية، أو في أفضل الحالات، التّداول في كل واحدة من احتياجات السّكّان في إطار المعيار الخاص بها، وبشكل منفصل.

ما الذي ينص عليه الإجراء الإداري الحالي، ولماذا ندّعي نحن بأنّه وحشي؟  من الممكن أن تستغرق معالجة طلبٍ للخروج من غزة لغرض التعليم العالي في الخارج، أو لغرض التخصص الطبّيّ، أو التجارة مدة 70 يوم عمل؛ أما معالجة طلب خروج لغرض زيارة أحد الأبوين أو أحد الأبناء في حال كان مريضًا، فقد تستمر أيضًا حتى 50 يوم عمل؛ في حين أنّ طلب يقدمه مريض من سكان غزة لاستصدار تصريح خروج بهدف الخضوع لعلاج طبي يتم البت فيه فقد بعد مرور 23 يوم عمل، أي شهر، وذلك من دون الأخذ بعين الاعتبار موعد الدور الذي يتم تحديده من قبل المؤسسة الطبّيّة. ويحدث في الكثير من الأحيان أنّ الدّولة لا تلتزم بهذه المواعيد، أو أنّها لا ترد على الطلبات بالمطلق. وكل عمليّة خروج تتطلب جولة معقدة من استصدار التصاريح التي ينبغي أن تكون متّسقة ومتزامنة.

إن حجم وعمق السيطرة الإسرائيليّة على الحياة اليوميّة لمليوني شخص من سكان القطاع، يفرضان عليها مسؤوليّة سلامة ظروفهم الحياتية. الاحتياجات الأمنيّة الشرعيّة تتيح لإسرائيل إمكانية القيام بفحص عيني وفردي لمن يسعى إلى الدخول إلى أراضيها، بيد أنّ واجبها يتمثل في معالجة الطلبات بشكل لائق، وألا تقوم بمراكمة العقبات أمام مقدمي الطلبات بشكل مقصود.