أصدرت المحكمة الإسرائيليّة العليا الشهر الماضي قرارًا لصالح منظّمات حقوق الإنسان – “ﭼيشاه -مسلك”، مركز عدالة ومركز الميزان-في الالتماس لإعادة قوارب صيادي غزة المحتجزة لدى إسرائيل. وانتقدت المحكمة في قرارها ممارسات الدولة، وذكرت بأن الالتماس كشف عن ممارسات تستوجب تطرّق المحكمة إليها. وشدّدت المحكمة في قرارها بشكلٍ خاص على “المماطلة في إعادة قوارب الصيادين لمدّة زمنيّة طويلة جدًا”، كما رأت أنّ الدولة “لم تتخذ الخطوات الملائمة لتوثيق احتجاز المعدّات باهظة الثمن-باهظة موضوعيًا، وباهظة بالنسبة لأصحاب الشأن ممن ترتبط بها لقمة عيشهم. كذلك، رأت المحكمة أن “وصف أوضاع القوارب يُظهر لامبالاة لمصيرها.” كذلك أمرت المحكمة الدولة بدفع تكاليف المرافعة للملتمسين بقيمة 12 ألف شيكل.

وكان الالتماس قد قُدّم في كانون ثاني من العام الجاري باسم الصيّاد عبد المعطي هبيل من قطاع غزّة. وقد سيطر الجيش الإسرائيليّ على قاربه واحتجزته السلطات الإسرائيليّة مدّة ثلاث سنوات. وجاء في التماس المنظّمات الحقوقيّة أن احتجاز القارب، كما احتجاز باقي قوارب صيّادي غزّة لدى إسرائيل، يجري بشكلٍ مخالفٍ للقانون ودون صلاحيّة قانونيّة. وقد طالب الملتمسون من المحكمة العليا إعادة جميع القوارب التي يحتجزها الجيش وما كان عليها من معدّات بشكلٍ فوريّ، ودون أي شروط.

بعد أربعة شهور من تقديم الالتماس، قدّمت نيابة الدولة ردًا للمحكمة أفادت فيه بنيّتها إعادة القارب إلى قطاع غزّة، ومعه 65 قاربًا تحتجزهم؛ في الأوّل من تمّوز أُعيد قارب عبد المعطي هبيل. وبعد إعادة القارب، ظهر بأنّ القارب قد تضرّر من إطلاق نار البحريّة الإسرائيليّة، ونتيجة الإهمال طوال السنوات التي احتجز بها في إسرائيل دون صيانة، وقد كان وضع القارب سيئًا جدًا إلى حدٍ لم يعد من الممكن نقله عن طريق البحر.

بعد يومين، أُعيد 20 قاربًا إضافيًا عبر البحر، وقد أفاد أصحاب القوارب بأنّها أُعيدت دون محرّكات ودون المعدّات التي كانت على متنها. لاحقًا، أعادت إسرائيل عبر البرّ والبحر 21 قارب مجداف، 24 قاربًا بمحرّكات وتسعة محرّكات. أُعيد إلى غزّة 66 قاربًا بالمحصّلة.

بسبب انعدام التوثيق من قبل الجيش، والذي اعترفت به إسرائيل، دار خلاف حول عدد القوارب وكم المعدّات التي لا زالت إسرائيل تحتجزها. بحسب الإدارة العامّة للثروة السمكيّة في وزارة الزراعة في غزة، لا زالت إسرائيل تحتجز 26 قاربًا، منها قاربين كبيرين، و40 محركًا. بحسب إحدى إفادات الدولة للمحكمة، فقد تبقّى لديها 6 قوارب و10 محرّكات فقط.

كما كان على متن القوارب التي احتُجزت مُعدّات أخرى، ويدور خلاف حولها أيضًا: أجهزة GPS، أجهزة لاكتشاف تجمّعات الأسماك، وشباك صيد. وجاء في الرد الإسرائيليّ للمحكمة بأنّه لم يتم أعادتها بسبب “خطرٍ صحيّ”.

الاستيلاء على القوارب عمومًا، واحتجازهم لشهورٍ وسنوات تحديدًا، يجريان دون أي صلاحيّة قانونيّة وبما يتناقض مع القانون الدوليّ. بموازاة المسار القضائيّ، الذي التزمت فيه إسرائيل بإعادة القوارب، تواصل إسرائيل احتجاز قوارب. على إسرائيل التوقّف من الممارسة العقابيّة والعنيفة وغير القانونيّة التي تمارسها ضد صيّادي غزّة على مدى سنوات.