منذ فترة ليست بالقصيرة يتم استدعاء سكان غزّة للمثول للتحقيقات الأمنية الإسرائيلية، وهذه التحقيقات يطلق عليها إسم “دردشات”، على معبر إيرز، كاشتراط للمصادقة على طلبات هؤلاء في الحصول على تصاريح التنقّل على اختلاف أنواعها. وكما نشرت وسائل الإعلام، يتم استدعاء التجار والمرضى أيضًا إلى مثل هذه التحقيقات. وقد تجمّعت مؤخرا لدى جمعية “چيشاه – مسلك” شهادات كثيرة من سكان أبلغوا أنهم بعد وصولهم للتحقيق طولبوا بتسليم هواتفهم النقالة للمحققين الإسرائيليين، فإن لم يكن الهاتف النقال في حوزتهم، يتم إلغاء التحقيق وإعادتهم إلى غزّة. وفي بعض الحالات حصل السكان على ردود مكتوبة، بعد القيام بالأمر، يفيد بأن تسليم الهاتف النقال قد كان ضروريًا من أجل استكمال التحقيق، ولأن الهاتف لم يتم تسليمه، فلا يمكن استكمال التحقيق والمصادقة على طلب استصدار التصريح. وإلى جانب ذلك، وفي رسالة بريد إلكتروني تم توزيعها للمؤسسات الدولية العاملة في غزّة خلال شهر شباط 2017، أعلن مكتب الارتباط والتنسيق الإسرائيلي لقطاع غزّة في معبر إيرز بأن الأمر هو توجيه جديد يفيد بأن كل من يتم استدعاؤه للتحقيق ينبغي أن يحضر مع هاتفه النقال.

تفترض جمعية “چيشاه – مسلك” بأن هذا المطلب مرفوض وغير قانوني، فبحسب القانون في إسرائيل لا تملك السلطات العاملة في إطار مكتب التنسيق والارتباط صلاحية تخولها بتوجيه طلب إلى إنسان بالمثول مع غرض أيًا كان، لإجراء التحقيق، ناهيك عن الهواتف النقالة. إن السلطات هذه تمتلك الصلاحيات فقط في إجراء تفتيش على أجساد البشر وفي الأغراض الموجودة في حوزتهم أثناء التحقيق. وعلاوة على ذلك، فإن هذا المطلب غير منطقي فلا يملك جميع سكان غزّة القدرة على جلب هواتفهم النقالة معهم. فالسلطات الفلسطينية القريبة من معبر إيرز تطلب من كل شخص يعبر بهدف المثول للتحقيق لدى الجانب الإسرائيلي إبقاء هاتفه لديهم. وبناء عليه، فهذا مطلب لن يتمكن السكان في غزّة من تلبيته. وعلاوة على ذلك كله، فإن الحديث هنا يدور عن مطلب يتم تطبيقه بشكل تعسفي وغير متابَع، ففي بعض الأحيان لا تصر السلطات الإسرائيلية في مكتب الارتباط والتنسيق على إجراء تفتيش في الهاتف وتجري التحقيقات لسكان غزّة في ظل غيابه أيضًا.

بتاريخ 20.3.2017 توجهت “چيشاه – مسلك” برسالة مبدئية حول هذا الموضوع إلى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية طالبت فيها بأن يوجه المستشار توجيهاته إلى الجهات المختصة بالتوقّف عن هذا المطلب. وفي وقت قصير لاحق بلغ “چيشاه – مسلك” أن مطلبها قد تم نقله لعناية المحامية دينا زيلبر، نائبة المستشار القضائي للحكومة (في مجال القضاء الإداري الجماهيري). ورغم مرور أربعة شهور منذ ذلك الحين، إلا أن رد المحامية زيلبر لم يتم تلقّيه حتى الآن.

كان “ب.ز.”، وهو أحد سكّان القطاع، قد عانى بشكل شخصي من هذه السياسة الإسرائيلية التي ينتهجها مكتب الارتباط والتنسيق. فقد تمت دعوته لإجراء مقابلة في القنصلية الأمريكية لغرض الحصول على تأشيرة زيارة إلى الولايات المتحدة، وقد تقدم ببضعة طلبات إلى مكتب الارتباط والتنسيق في معبر إيرز للسماح له بالخروج من القطاع لغرض إجراء المقابلة. وكجزء من عملية معالجة طلبه، تم استدعاؤه لإجراء تحقيق أمني في الجانب الإسرائيلي وامتثل له، إلا أنه قد حضر من دون هاتفه الخليوي. ولهذا السبب فإن العاملين في مكتب الارتباط والتنسيق قد رفضوا إجراء التحقيق وردّوا على “چيشاه – مسلك” قائلين بأنه لا يمكن إتمام معالجة طلبه.

في مقابل هذا القرار تقدّمت جمعية “چيشاه – مسلك” بالتماس إداري إلى المحكمة المركزية في بئر السبع بتاريخ 19.6.2017. وقد طالبت الجمعية في التماسها هذا بالمساعدة الخاصة المتمثلة في المصادقة على طلب “ب” للوصول إلى المقابلة في القنصلية، حتى لو كان الأمر مشروطا بإجراء تحقيق يُجرى من دون الهاتف، إلى جانب المعونة المبدئية المتمثلة في إصدار أمر للسلطات الإسرائيلية بالعودة عن مطلب الحضور مع الهواتف النقالة بشكل عام.

بتاريخ 5.7.2017 قدّمت الدولة ردها على الملف. وقد ورد في الرد بأنه وعلى ضوء سياسة جديدة يُجمد في إطارها إمكانية المرور لغرض إجراء مقابلات في القنصلية الأميركية، فإن طلب “ب” قد أصبح غير عملي وبذا فما من داع للتداول في شأنه أو في شأن المعونة المبدئية المتعلقة بالهواتف. وفي أعقاب الرد الذي تقدمت به “چيشاه – مسلك”، أصدر القاضي أمرًا بإبقاء الالتماس معلقا على مدار شهر، إلى أن تقوم الدولة بإبلاغ المحكمة بمعلومات جديدة حول موضوع تجميد التصاريح المتعلقة بالقنصلية الأميركية.

بعد مرور شهر، وبتاريخ 23.7.2017 أبلغت الدولة بأن سياسة التجميد لا تزال سارية المفعول وبناء عليه فينبغي تأجيل التماس “ب.ز.” فيما عارضت “چيشاه – مسلك” تأجيل الالتماس وطالبت بالانتظار إلى حين الفصل في هذا الملف إلى أن تجري بلورة حل لموضوع الخروج لأغراض إجراء مقابلات في القنصلية الأميركية. كما ادّعت “چيشاه – مسلك” بأنه ينبغي إجراء مداولات مبدئية في موضوع الهواتف النقالة، وهي مداولات لم تجر في إطار هذا الملف. وقد رفض القاضي إجراء مداولات مبدئية، وبتاريخ 25.7.2017 قام بمسح الالتماس محددا أن سكان غزّة لا يملكون الحق في الدخول إلى إسرائيل، وبناء عليه فإن قرار الدولة معقول.