منذ اكتشاف أولى حالات الكورونا داخل قطاع غزة يوم 24 آب، أغلقت المدارس ورياض الأطفال أبوابها، وتم الانتقال للتعليم عن بعد كما هو الحال في العديد من دول العالم. لكن للكثير من الطلاب لا تتوفر أجهزة حاسوب أو نفاذ إلى الانترنت في البيت أو توصيل كهربائي ملائم أو ظروف معيشية تتيح التعليم عن بعد.

في 8 آب عاد ما يقارب 575 ألف طالب وطالبة إلى مقاعد الدراسة، قبل أسبوعين فقط من اكتشاف أولى حالات الإصابة داخل المجتمع، وبعد إغلاق دام خمسة أشهر، والذي أُعلن عنه مع تفشي الوباء في أرجاء العالم. يقول أسامة يونس، المسؤول عن التعليم عن بعد في القطاع: “العديد من العائلات لا تملك اتصال ثابت بشبكة الانترنت، ناهيكم عن سرعة الانترنت التي تؤثر على الاشتراك بالدروس والتفاعل بشكل ناجع. الآلاف من الطلاب في جميع أنحاء القطاع تُركوا دون استجابة لاحتياجاتهم التعليمية والتربوية. هذا الواقع سيؤدي إلى تعطيل السيرورة الدراسية، وسيكون من الصعب جدًا تجاوزه”.

الجيل الثالث للأنترنت غير متوفر في قطاع غزة مع أنه متوفر حول العالم منذ 15 عام، ناهيكم عن الجيل الرابع والخامس. تتيح هذه البنى التحتية المتقدمة تحميل وتنزيل البيانات بشكل سريع، وعرض محتويات معقدة تقنيًا على الهواتف المحمولة ويمكن ان توفر بنية أساسية للاتصال لأجهزة الحاسوب على شتى أنواعها. يقول محمد أبو نحلة، مدير عام شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) في غزة: “لطالما رفضت إسرائيل السماح بدخول أجهزة الاتصال اللازمة لتطوير شبكات اتصال متقدمة. الإنترنت هو الأداة الرئيسية لنظام التعليم الآن، وهي نافذة غزة الوحيدة على العالم الخارجي”.

بحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 30 بالمائة فقط من الأسر في غزة تملك جهاز حاسوب، و- 73 بالمائة متصلين بشبكة الإنترنت عن طريق أجهزة الحاسوب أو الهواتف الذكية. تُظهر ورقة موقف نشرتها شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية (PNGO) في حزيران الماضي أن الإنترنت في غزة ينقطع بمعدل ​​أكثر من عشر مرات كل ساعة.

تقول عبير محمد، مدرسة لغة عربية في احدى المدارس الإعدادية في الشجاعية، أن حوالي 50 طالبة فقط من بين 200 طالبة يحضرن الحصص الالكترونية. توضح محمد أن “العائلات في غزة كثيرة الأولاد، ومن المستحيل توفير أجهزة حاسوب واتصال بشبكة الانترنت لكافة الطلاب”. إسلام عثامنة، طالبة في الصف الحادي عشر، تقول: “لا أملك جهاز حاسوب في المنزل ولا اتصال بالإنترنت، لم أطلع على المواد التي تم تدريسها مؤخرا، هذا الوضع مؤسف ومقلق للغاية”.

في 11 تشرين أول 2020 سُمح لطلاب الثانوية العامة “التوجيهي” بالعودة إلى المدارس. حيث سيتعلم الطلاب بعض أيام الأسبوع في المدرسة وباقي الوقت عن بُعد. أعربت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في غزة عن أملها أن يتمكن جميع الطلاب من العودة إلى صفوف الدراسة في الأشهر المقبلة.

تشكل التحديات والقصور في جهاز التعليم مثال آخر على عدم قدرة البنى التحتية تلبية احتياجات السكان. هذه البنى التحتية الهشّة، نتيجة للقيود التي تفرضها إسرائيل، تمنع حياة طبيعية في قطاع غزة وتؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي بحيث لا يملك معظم السكان القدرة على شراء جهاز حاسوب، كم بالحري أكثر من جهاز لكل عائلة. يتسبب الإغلاق المستمر في تدهور العديد من جوانب الحياة في قطاع غزة، ومن المؤسف بشكل خاص انه يضر بالخيارات والفرص المتاحة أمام جيل الشباب في مقتبل العمر. من أجل إتاحة إمكانية التعلم عن بعد في غزة، على إسرائيل السماح، بشكل ثابت، بإدخال أجهزة الاتصال اللازمة لإتاحة التعليم عن بعد وإزالة كافة التقييدات التي تمنع تطوير شبكة الإنترنت في القطاع.