أقيمت جمعية “ﭽيشاة-مسلك”في العام 2005، بهدف حماية حق حرية التنقّل لسكان المناطق الفلسطينية، خاصة سكان قطاع غزة، وحماية حقوقهم الأخرى المتعلقة بحرية التنقل. أقيمت الجمعية في ضوء نشوء وضع تحوّل فيه تقييد حرية التنقل لسكان المناطق الفلسطينية المحتلة إلى البُعد الأساسي للاحتلال، الأمر الذي مسّ تقريبا كل واحد وواحدة من سكان هذه المناطق.
القيود على التنقل مفروضة على سكان قطاع غزة والضفة بشكل جارف، فإسرائيل لا تطرح أي ادعاءات أمنية عينية بخصوص معظم الأشخاص الذين يتعرضون لتقييد تنقلهم. انتهاك حق الفلسطينيين الأساسي في حرية التنقل يجرّ انتهاك حقوق إنسان أخرى، مثل الحق في الحياة، الحق في الحصول على العلاج الطبي، الحق في التعليم، الحق في العيش بكرامة، الحق في سلامة وحدة الأسرة والحق في أقامه الشعائر الدينية. قيود شديدة مفروضة على سكان قطاع غزة المغلق من كل الاتجاهات بشكل تام تقريبا، بحيث أن سكانه والذي يبلغ عددهم 1.5 مليون يعانون العزل والحرمان من حق التنقل، وهم ممنوعون من مغادرة القطاع أو دخوله، إلا في حالات استثنائية جدا. وقد وضعت الجمعية نُصب عينها العمل على تحسين هذا الوضع.
زيادة على ما تقدّم، فإن خطة الانسحاب الإسرائيلية من قطاع غزة في العام 2005، خلقت الحاجة إلى جسم يرصد ويراقب مواصلة إسرائيل السيطرة على القطاع ومعابره، ويؤكّد أن هذه السيطرة تجرّ وراءها مسؤولية إسرائيلية عن سكان القطاع، ويعمل على تمثيل سكان القطاع في مواجهتهم للقيود التي لا تزال إسرائيل تفرضها على تنقلهم. وقد جاءت جمعية ” ﭽيشاة-مسلك” للقيام بهذه المهمّات.
في أساس عمل جمعية ” ﭽيشاة-مسلك ” التمسّك بمبادئ حقوق الإنسان، ويشكّل توفير فرصة الحياة المدنية السوية مفتاحا لمستقبل أفضل في المنطقة، ومحاولة العمل من أجل التزام السلطات في إسرائيل بالقانون.
منذ العام 1967، عندما احتلت إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية، وهي تتحمل إزاء السكان العديد من المسؤوليات، بموجب قوانين الاحتلال المتأتية من القانون الإنساني والدولي. حتى بعد تطبيق خطة الانسحاب في أيلول 2005، التي أخلت إسرائيل في إطارها منشآت عسكرية دائمة ومستوطنات مدنية، تواصل إسرائيل التحكّم بشكل كامل بالمياه الإقليمية وبالمجال الجويّ لقطاع غزة، وبالمعابر البرية بين القطاع وإسرائيل. إضافة إلى ذلك، تفرض إسرائيل، اليوم أيضا، وإن كان أقلّ من الماضي، سيطرة معيّنة على معبر رفح بين غزة ومصر. كما تواصل إسرائيل السيطرة على سجل السكان الفلسطيني، الذي يحدد مَن يحوز على بطاقة هوية في المناطق الفلسطينية، وعلى جزء من نظام الضرائب في القطاع. سيطرة إسرائيل على هذه النواحي الهامة في حياة السكان في قطاع غزة تُنتج مسؤوليات إسرائيلية تجاه سكان القطاع. حسب موقف جمعية “ﭽيشاة-مسلك”، تأتي هذه المسؤوليات من القانون الدولي الإنساني، وكذلك من أحكام حقوق الإنسان كما هي في القانون الدولي. وهي تفرض مسؤوليات على قوة أجنبية تمارس سلطتها على السكان المدنيين.
كذلك، فإن محكمة العدل العليا، التي رأت أن إسرائيل لم تعد تشكل قوة محتلة في قطاع غزة، قررت أنها تواصل تحمّل مسؤوليات تجاه سكان القطاع كأمر مشتقّ من وضعية الحرب بين إسرائيل وبين مسلحين في القطاع، ومن تحكّم إسرائيلي مستمرّ على حدود قطاع غزة، ومن العلاقة التاريخية، وهي مدّة 40 عاما تقريبا من السيطرة الإسرائيلية المباشرة (بين 1967 ـ 2005) وما أنتجته من تبعية قطاع غزة للبُنى الأساسية والخدمات الإسرائيلية. على هذا النحو أو ذاك ـ لا تزال إسرائيل تتحمل المسؤولية تجاه قطاع غزة وسكانه بالنسبة للمجالات التي تتحكم فيها، بما فيها تنقل الأشخاص والبضائع من غزة وإليها. كذلك، تقع على عاتق إسرائيل مسؤوليات بحكم القانون الإنساني الدولي، مثل الحفاظ على النظام العام وتوفير الشروط لحياة سوية للسكان المدنيين في المجالات التي تواصل التحكم فيها. من هنا فإن إسرائيل مسؤولية فيما يتصل بالمعابر عن توفير حياة سوية لسكان القطاع.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل ليست الوحيدة التي تتحمل المسؤولية والواجبات تجاه السكان في غزة. فجهات سياسية مثل سلطة حماس والسلطة الفلسطينية اللتين تمارسان السلطة على سكان القطاع، كذلك مصر التي تسيطر على معبر رفح بينها وبين قطاع غزة، تتحمل مسؤوليات وواجبات تجاه السكان في المجالات التي تتحكم فيها.
بدايةً، حتى لو كان بإمكان سكان القطاع أن يتنقلون بحرية عن طريق معبر رفح، فإن ذلك لا يكفي لسدّ احتياجاتهم إلى حرية التنقل، إذ أن خروج السكان الفلسطينيين عبر معبر رفح لا تلبي الحاجة الملحّة عندهم إلى التنقل باتجاه الضفة الغربية، حيث العلاقات الأسرية المتشعبة والعلاقات الاجتماعية أيضا، والثقافية والاقتصادية. وهذا، لأن إسرائيل لا تسمح بدخول فلسطينيين من سكان غزة إلى الضفة من جهة الأردن عن طريق معبر أللنبي، هذا حتى لو نجح الفلسطيني من غزة في عبور طريق طويلة ومُكلفة ماليا وملتوية ضرورية لغرض الانتقال من غزة إلى الضفة الغربية عن طريق مصر أو الأردن.
أكثر من ذلك، لا يتمتع الفلسطينيون في الضفة من تنقل حرّ عن طريق معبر رفح. فقطاع غزة مغلق من كل جهاته بشكل مُحكم تماما معظم الوقت، والسكان والذي يبلغ عددهم 1.5 مليون يعانون العزل وغياب الحق في حرية التنقّل. أغلقت إسرائيل القطاع من خلال إجراءات تدريجية استمرت سنوات، وشملت جملة إجراءات مثل، اعتماد نظام الخروج بواسطة تصاريح، بناء جدار، فرض إغلاق يتم تشديده من خلال المعابر البرية ومنع كل تنقل جوي أو بحري. نتيجة لذلك، خلقت إسرائيل تبعية لمعبر رفح باعتباره البوابة الوحيدة تقريبا، بين القطاع وبين العالم الخارجي. في الفترة التي سمحت فيها إسرائيل بحركة تنقل منتظمة عن طريق معبر رفح، مرّ عبره آلاف الأشخاص كل شهر بالاتجاهين.
السيطرة على معبر رفح حاليا بأيدي مصر وحكومة حماس، في حين أن مصر هي التي تقرر وتيرة فتح المعبر. أما إسرائيل فتؤثّر في تحديد هوية المارين عبره بواسطة التحكّم بسجلّ السكان الفلسطيني وكذلك بواسطة نظام التعاون الأمني مع مصر. يحوّل الإغلاق الإسرائيلي قطاع غزة إلى منطقة مغلقة الأمر الذي يُلقي على عاتق مصر واجب فتح معبر رفح لتنقل منتظم للأشخاص. كذلك، فإن مصر ملزمة بالسماح بعبور مساعدات إنسانية من أراضيها إلى القطاع. مع هذا، فإن مصر تفتح المعبر بشكل يستجيب لسد نصف احتياجات سكان القطاع للخروج والدخول إليه، كما أنها لا تسمح تقريبا بمرور بضائع إنسانية من أراضيها مباشرة إلى القطاع عن طريق معبر رفح. وعندما يتمّ إغلاق المعبر من حين لحين كما حصل في فترات مختلفة ـ فإن سكان القطاع يتحوّلون إلى سجناء.
إذا كان من غير الممكن إحقاق حق سكان غزة في حرية التنقل إلى خارج أراضيهم عن طريق معبر رفح، لهذا السبب أو ذاك، على إسرائيل أن توفر لهم معبرا عن طريق المعابر الأخرى ـ كان ذلك عبر التنقل البري عن طريق معبريّ كرم أبو سالم و”إيرز”، أو عبر التنقل جوا وبحرا من قطاع غزة إلى العالم الخارجي.
كان رفض السماح للصليب الأحمر بزيارة ﭼلعاد شاليط انتهاكًا حادًا للقانون الدولي، وكذلك إطلاق الصواريخ بشكل عشوائي أو عمدًا باتجاه احياء مدنية سكنية في جنوب إسرائيل، والذي هو أيضا جريمة حرب. في كلتا الحالتين، فإن على الحكومة الفلسطينية في غزة واجب احترام القانون الدولي ومحاكمة المسؤولين عن الانتهاكات. ومع ذلك، انتهاكات السلطات الفلسطينية للقانون الدولي ليس من شأنها تبرير الانتهاكات الإسرائيلية.
وقد أثبت التاريخ أن في كل الصراعات المُسلحة يكمن الخطر في أن يقوم الطرفين بضرب السكان المدنيين عمدًا بهدف الضغط على الخصم. لذا يمنع القانون الإنساني الدولي – والذي احدى اهدافه الرئيسية هو حماية المدنيين خلال الحرب – فرض العقاب الجماعي على السكان المدنيين. على الحكومة الإسرائيلية إزالة القيود التي تفرضها على حركة تنقل الأشخاص والبضائع من قطاع غزة وإليها، والتي تسبب أضرار جارفة وعشوائية لجميع سكان القطاع، بغض النظر عن مشاركتهم الشخصية في أعمال عنف ضد إسرائيل.
يمنح القانون الدولي إسرائيل الحق في اتخاذ العديد من الإجراءات المختلفة لحماية مواطنيها، بما في ذلك إجراءات ضد جماعات مُسلحة بهدف تحقيق أهداف عسكرية. مع ذلك، فهو (القانون الدولي) يمنع على الاطلاق معاقبة المواطنين على أعمال لم يرتكبونها وعلى واقع خارج عن سيطرتهم.
علاوة على ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من تشديد اسرائيل حصارها على قطاع غزة كردّة فعل على ضرب القسام، وأسر شاليط وحكومة حماس، الا أن القيود المفروضة على الحركة، وخصوصًا حركة التنقل بين غزة والضفة الغربية، كانت قد فُرضت منذ سنوات عديدة. الحظر المفروض على تنقل الطلاب من غزة إلى الضفة الغربية، على سبيل المثال، مستمر منذ العام 2000.
تعمل جمعية “ﭽيشاة-مسلك” على المستويين القانوني والجماهيري من أجل توسيع حرية التنقل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
على المستوى القانوني، تمثّل الجمعية مجانا أشخاصا ومنظمات يتم انتهاك حقوقها، تتوجه باسمهم إلى سلطات الجيش وباقي سلطات الدولة وللهيئات القضائية، بما في ذلك تقديم التماسات لمحكمة العدل العليا ومحاكم إدارية. تستند الجمعية في المداولات القضائية على القانون الإسرائيلي، على القانون الدولي المتصل بحقوق الإنسان والقانون الإنساني. لا تمثّل الجمعية المتوجهين إليها أمام هيئات قضائية دولية أو أجنبية. إضافة إلى المساعدة العينية، تعمل الجمعية على تغيير سياسات فرض القيود على حرية التنقل من خلال التقدم بالتماسات مبدئية إلى محكمة العدل العليا، وغالبا من خلال التعاون مع جمعيات حقوق إنسان أخرى، إجراء أبحاث قانونية، وكتابة مذكرات ووجهات نظر قانونية.
إضافة إلى ما تقدّم، وضعت جمعية “ﭽيشاة-مسلك” نصب عينها إزالة الضبابية وتطوير الشفافية فيما يخصّ السياسات الإسرائيلية تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل عام، وغزة بوجه خاص. تتعرّف الجمعية على مركبات في هذه السياسات من خلال عملها الجاري في تمثيل أولئك الذين فُرضت القيود على حرية تنقلهم، إضافة إلى أنها تتوجه إلى السلطات بطلب معطيات ومستندات رسمية تدلّ على السياسات وتتقدم بالتماسات استنادا إلى أحكام قانون حرية المعلومات. طاقم المعلومات في الجمعية الذي يضم، أيضا، الباحث الميداني للجمعية الذي يعيش في غزة، مسؤول عن جمع المعلومات ومقارنتها بواسطة مقابلات شخصية مع سكان القطاع الذين تم انتهاك حقوقهم، ومع طلبات للحصول على معلومات من سلطات إسرائيلية وفلسطينية، ومن خلال إجراء مسح لمعطيات أجسام مهنية ومنظمات دولية. استنادًا إلى عمل الطاقم في مجال القانون وجمع المعلومات، تُجري الجمعية أبحاثا وتضع تقارير في مواضيع مختلفة تتعلق بفرض قيود على تنقل الأشخاص والبضائع.
في المستوى الجماهيري، تتوجه الجمعية مباشرة إلى متخذي القرارات والمسؤولين الكبار، المحليين والأجانب، من أجل اعتماد سياسات تجسّد بشكل أفضل حقوق الإنسان. كذلك، تتوجه جمعية “ﭽيشاة-مسلك” إلى عموم السكان وصانعي الرأي العام بواسطة النشر في وسائل الإعلام المختلفة، لغرض زيادة الوعي للقيود المفروضة على تنقل سكان المناطق الفلسطينية، واستمرار السيطرة الإسرائيلية على غزة والعمل على تغيير السياسات.
يتوجه فلسطينيون سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة والذي تم انتهاك حقهم في التنقل، مباشرة إلى جمعية ” ﭽيشاة-مسلك”. هؤلاء عرفوا عن “ﭽيشاة-مسلك” من معارفهم الذين استعانوا بخدمات الجمعية، أو تم توجيههم من جمعيات حقوق إنسان داخل المناطق، أو أنهم سمعوا عن نشاطنا في وسائل الإعلام.
إضافة إلى ذلك، تبادر جمعية “ﭽيشاة-مسلك” إلى الاتصال بالسكان في إطار مشاريع عينية. وفي هذا الإطار تتوجّه الجمعية إلى جمعيات نسائية في قطاع غزة بهدف تمثيل نساء تطوّرن مشاريع اقتصادية لغرض مساعدتهن على التنقل وفق متطلبات أعمالهن. هكذا فإن الجمعية تعمل، أيضا، على تعزيز مكانة النساء في القطاع.
تعمل جمعية “ﭽيشاة-مسلك” من أجل تطوير حرية التنقل لعموم سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة . عندما أقيمت الجمعية نشطت جمعيات حقوق الإنسان الإسرائيلية بشكل محدود من أجل سكان غزة قياسا بما فعلته من أجل سكان الضفة الغربية، في حين أن القيود التي فرضت على تنقل سكان غزة اتسمت بخطورتها. من هنا تمحورت جمعية “ﭽيشاة-مسلك” في تمثيل سكان قطاع غزة الذين تعرّضوا للمسّ بحرية تنقلهم.
بما أنه تربط الفلسطينيين سكان غزة والضفة الغربية علاقات عائلية متشعبة، وعلاقات ثقافية واقتصادية ـ فإن المساعدة التي تقدمها جمعية “ﭽيشاة-مسلك” لسكان غزة يسهّل من حين لحين على سكان الضفة، أيضا، خاصة في حالات فرض قيود على حرية التنقّل بين المنطقتين. بالإضافة إلى ذلك، تقدم جمعية “ﭽيشاة-مسلك” العون القضائي لسكان فلسطينيين يعيشون في الضفة الغربية بينما عناوينهم مسجّلة في قطاع غزة . أكثر من ذلك، تقوم الجمعية، من حين لأخر، بمشاريع عينية لصالح سكان الضفة الغربية مثل، تقديم العون القانوني للسكان هناك فيما يتصل بحرية الوصول إلى الجامعات ومؤسسات تعليمية أخرى وإلى أماكن العمل.
لا تتمحور الجمعية في تمثيل سكان أو مواطنين إسرائيليين لأن غاية وجودها تحدد مهماتها في تمثيل أشخاص عبر الخط الخضر حيث لا يسري عليهم القانون الإسرائيلي والذين يحتاجون بسبب ذلك إلى حماية القانون الدولي.
القيود على التنقل مفروضة على سكان المناطق بشكل جارف، فيما لا تطرح الجهات الأمنية بالنسبة لمعظم الذين تقيّد السلطات الإسرائيلية حرية تنقلهم أي ادعاءات أمنية عينية. منع الخروج من قطاع غزة يقوم على أساس قرار جارف للطاقم السياسي ـ الأمني من أيلول 2007 القاضي بتقييد حرية تنقل الأشخاص والبضائع إلى القطاع ومنه، ردا على سيطرة حماس على السلطة وإطلاق الصواريخ على أهداف مدنية داخل إسرائيل. هذه القيود لا تُفرض لمواجهة التهديد الأمني العملي الذي يُنتجه تنقل الأشخاص، بل هدفها الضغط على حكومة حماس في قطاع غزة بواسطة فرض قيود على السكان المدنيين في القطاع. يمسّ الإغلاق المحكم الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، والحالة كهذه ـ بكل واحد وواحدة من سكان القطاع ـ وأكثر من نصفهم من القاصرين ـ بدون أي علاقة شخصية لهم بأعمال عنيفة ضد إسرائيل. وهكذا، يشكّل الإغلاق عقابا جماعيا، يحظره القانون الدولي.
القيود مكرّسة لمنع تنقل فلسطينيين سكان قطاع غزة بصرف النظر عن سؤال العبور عن طريق إسرائيل، إذ أن إسرائيل ترفض إجراء تفتيشات أمنية دقيقة لسكان غزة الذين يريدون الانتقال إلى الضفة الغربية عن طريق إسرائيل، بل لا تسمح لهم بالسفر إلى الضفة الغربية عن طريق الأردن عبر جسر اللنبي، أي دون الدخول إلى إسرائيل. كذلك، فإنه في غياب ادعاءات أمنية، تسمح إسرائيل، مثلا، بانتقال أفراد أسرة فلسطينية تطلب لم الشمل في قطاع غزة، ولكنها لا تسمح بذلك لأفراد أسرة يطلبون لم شملهم في الضفة الغربية. وهكذا، فإن الأمر هو بشأن قيود تعمل في اتجاه واحد فقط.
تطالب جمعية “ﭽيشاة-مسلك” سلطات الأمن أن تجري فحوصات أمنية دقيقة، وأن تسمح بمرور أشخاص لم تطرح حيالهم ادعاءات أمنية. في حال ادعت إسرائيل وجود عوائق أمنية لتنقّل شخص محدد، فإنها تؤسّس ذلك في أحيان كثيرة على مواد سرية لا يستطيع الشخص المعني ولا محاميه الاطلاع عليه. في حالات كهذه تعترض جمعية “ﭽيشاة-مسلك” على الإجراء أمام سلطات الأمن أو المحاكم، وتطلب أن يتم بصورة عادلة ومن خلال الشفافية.
أحيانا، يتمّ إزالة المنع الأمني بالنسبة لشخص ما بدون حصول أي تغيير في الملابسات الظرفية بعد تقديم الالتماس إلى محكمة العدل العليا، أو بعد النشر عن الموضوع في الإعلام. وهذا ما يثير الشك في أن استخدام الادعاءات الأمنية العينية ينطوي أحيانا على تعسّف إداري.
طاقم المعلومات في الجمعية الذي يضم، أيضا، الباحث الميداني للجمعية الذي يعيش في غزة، مسؤول عن جمع المعلومات ومقارنتها بواسطة مقابلات شخصية مع سكان القطاع الذين تم انتهاك حقوقهم، ومع طلبات الحصول على معلومات من سلطات إسرائيلية وفلسطينية، وإجراء مسح لمعطيات أجسام مهنية ومنظمات دولية. تؤكّد جمعية “ﭽيشاة-مسلك” على صحة المعلومات التي تستند إليها; وعلى الغالب لا يكون هناك خلاف بين الدولة وبين الجمعية بالنسبة لمعطيات وحقائق، وإنما على تفسيرها وعلى زاوية النظر والسياق الذي تضعان فيه الأمور.
أجزاء واسعة من المعلومات المتوفرة لدى جمعية “ﭽيشاة-مسلك”، مصدرها سلطات الدولة، الجيش ووزارة الأمن، أساسا: تحصل الجمعية على معظم معلوماتها بما يتعلّق بالسياسات الإسرائيلية في غزة بواسطة تمثيل فلسطينيين من غزة والضفة وأجانب يحاولون الخروج من القطاع والدخول إليه، وكذلك من محاولة إدخال وإخراج بضائع منه وإليه. تتوجه الجمعية باسمهم إلى السلطات وتتابع ردودها، وتستنتج منها بخصوص السياسات العامة المعتمدة. إضافة إلى ذلك، تعرف الجمعية عن أجزاء أخرى في السياسات من ردود الدولة على الالتماسات المقدمة إلى محكمة العدل العليا.
سياسات إسرائيل في قطاع غزة غير منصوص عليها في غالبيتها في الأدبيات القانونية الرئيسية أو الثانوية، بل قائمة على جملة من النُظم والتوجيهات. وخلافا لقانون حرية المعلومات – 1998، لم تنشر هذه النُظم والتوجيهات في موقع واحد ومتيسّر لاطلاع الجمهور، بل هي لا تنشر بتاتا في أحيان كثيرة. تعمل جمعية ” ﭽيشاة-مسلك” على تطوير الشفافية في السياسات الإسرائيلية بالنسبة للأراضي الفلسطينية المحتلة عامة، وبالنسبة لغزة بشكل خاص. لتحقيق ذلك، تتوجّه الجمعية إلى السلطات بطلب معطيات ومستندات رسمية تفسّر هذه السياسات، وتقدم التماسات بموجب قانون حرية المعلومات.
جمعية “ﭽيشاة-مسلك” هي جمعية مستقلة، حرة، غير منتمية سياسيا ولغير غرض الربح، مسجّلة قانونيا في إسرائيل. يعمل في الجمعية طاقم مهني، وفي إدارتها شخصيات مركزية من مجال الحقوق والأكاديميا. يتحدّد جدول أعمال الجمعية بموجب مبادئ حماية حقوق الإنسان، وليس بموجب موقف سياسي كهذا أو ذاك. ليس للجمعية أي موقف بالنسبة لترتيبات سياسية بخصوص المناطق، عدا ما يتصل بمدى ما تضمن حماية حقوق الإنسان لكل ذوي العلاقة بالموضوع.
اعتادت السلطات الإسرائيلية وجهات أخرى أن تتعامل مع الحصار المفروض على غزة كمسألة سياسية; بينما تؤكّد جمعية “ﭽيشاة-مسلك” أن حق السكان الذي يبلغ عددهم 1.88 مليون فلسطيني، سكان القطاع، الخروج من قطاع غزة وأن والعودة إليه ليست مسألة سياسية، وإنما هي حق أساسي، ينبغي على الجهات التي تتحكّم بمعابر القطاع أن تلتزم باحترامه.
في الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل عام، وفي قطاع غزة بوجه خاص، هناك جهات مختلفة تنتج الواقع وتؤثّر على حريات السكان، تراقب جمعية “ﭽيشاة-مسلك” جميعها. مع هذا، تتمحور الجمعية بالأساس في مسؤولية إسرائيل نحو حرية تنقل الفلسطينيين سكان غزة لسببين: أولا ـ لأن إسرائيل تواصل التحكم في نواحي كثيرة للحياة في غزة، بما في ذلك الحدود البريّة والنقل البحري والجوّي. من هنا، فإننا نحملها مسؤولية أكبر تجاه حرية التنقّل لسكان القطاع وحركة البضائع من القطاع وإليه.
ثانيا، كمنظمة حقوق إنسان إسرائيلية، ملقاة على عاتقنا مسؤولية الاهتمام بأن يحترم مبعوثو الجمهور من طرفنا، حقوق الإنسان وأن تُناقش في الحيز العام أعمالهم وسياساتهم. نرى أساس مسؤوليتنا في تقديم توصيات وطرح مطالب باحترام القانون وحماية الحقوق أمام سلطات الدولة التي ننشط داخلها، ونتمتع بإمكانية الوصول إلى مؤسساتها. وفي الوقت ذاته، نحلل مسؤولية جهات إضافية ـ بالأساس مصر، والسلطة الفلسطينية وحماس ـ نحو حرية تنقّل سكان غزة لغرض تحديد مسؤولية دولة إسرائيل مقابل مسؤوليات الجهات الأخرى. هكذا فعلنا في التقرير الشامل الذي يحلّل المسؤولية عن إغلاق معبر رفح، وفي مذكرة الموقف التي فحصت النقص في الكهرباء في قطاع غزة.
تقيم جمعية “ﭽيشاة-مسلك” علاقة وثيقة مع منظمات حقوق إنسان فلسطينية تعمل على إلزام السلطات الفلسطينية ـ في قطاع غزة والضفة الغربية ـ بالحفاظ على حقوق السكان الذين يخضعون لسلطتها. تعبّر جمعية “ﭽيشاة-مسلك” عن تقديرها العميق للزملاء الفلسطينيين على نشاطهم هذا.
“ﭽيشاة-مسلك” هي جمعية مستقلة وحرة. ممولة من التبرعات فقط، تصلنا من أشخاص بصفتهم الخاصة من البلاد والخارج، ومن صناديق تدعم النشاط من أجل حقوق الإنسان. يُمكن الاطلاع على قائمة المتبرعين هنا (رابط)
أفضى نشاط جمعية “ﭽيشاه-مسلك” في عدد من الحالات إلى تغيير في السياسات التي تقيّد حرية تنقل الفلسطينيين سكان الاراضي الفلسطينية، ولزيادة الوعي حول انتهاك حقوق الانسان. على سبيل المثال، نجحت “ﭽيشاه-مسلك” في إلغاء الحظر على انتقال طلاب جامعات من الضفة الغربية إلى إسرائيل لغرض الدراسة في جامعات إسرائيلية، وجعلت سلطات الجيش تسمح لمئات طلبة الجامعات من غزة الذين يرغبون في الدراسة في دول أخرى بالمرور عن طريق إسرائيل وصولا إلى الخارج. عمل الجمعية الجماهيري ساهم في التأثير على قرار مصر بالسماح للطلاب الجامعيين الخروج من قطاع غزة عبر معبر رفح، وهذا ما ساعد على سفر مئات الطلاب الإضافيين من غزة للدراسة في الخارج، وشدد ان على مصر الالتزام بالسماح لسكان القطاع بالعبور في اراضيها عند اغلاق جميع المعابر الاخرى.
ساعد العمل العيني لجمعية “ﭽيشاه-مسلك” آلاف الأشخاص الذين تم تقييد حرية تنقلهم في الوصول إلى أهدافهم، وهكذا فقد انضموا إلى عائلاتهم، أو انخرطوا في عمل جديد، وتمكنوا من الحصول على علاج طبي ضروري أو من الدراسة. وهكذا، تسهم “ﭽيشاه-مسلك”، ولو بشكل محدود، في تطوير اقتصاد مستقل ومجتمع مدني وإدارة حياة سوية في الاراضي الفلسطينية.
إضافة إلى المساعدة العينية، تسهم “ﭽيشاه-مسلك” في رفع مستوى الوعي العام لسياسة إسرائيل في غزة والضبابية التي تغلّفها. وهكذا، من خلال نضال قضائي متواصل أفلحت “ﭽيشاة-مسلك” في كشف مستندات رسمية من وزارة الأمن ـ كان ممثلو الدولة قد أنكروا وجودها ـ تتضمن قواعد أدير بموجبها الإغلاق على قطاع غزة إلى ما قبل فترة وجيزة. وبين الأمور التي اتضحت من المستندات أن الدولة أنتجت سلسلة من المعادلات لغرض حساب مخزون البضائع في قطاع غزة، لتعطي الإذن المبدئي لسياسة “التقليص المتعمد”. تبادر الجمعية بشكل منتظم إلى النشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية عما يتصل بالقيود على الحركة، وتثير نقاشات حيال السياسات المقيّدة، وتعمل من أجل الشفافية في هذه السياسات في إطار السعي إلى تغييرها. باستطاعتنا القول أن النشاط القضائي والجماهيري المنهجي لجمعية “ﭽيشاه-مسلك” فيما يتعلق بمنع دخول غالبية البضائع إلى غزة، الذي حظي بأصداء إعلامية واسعة، أسهم في إلغاء الجزء الأكبر من هذا الحظر في حزيران 2010، بعد أحداث أسطول السفن من تركيا إلى غزة.
لمزيد من المعلومات حول عمل الجمعية وانجازاتها ، اكتبوا لنا: info@gisha.org